dimanche 17 janvier 2010

أسلوب عادي في سرد وقائع غير عادية7

وصلنا العاصمة على مشارف الغروب من جهة الجنوب .. تصنع الحاج التهامي المعرفة بمداخلها ومخارجها فوجدنا أنفسنا أكثر من مرة في نفس المكان كأننا نطوف حول الفراغ .. قالت جدتي لنسأل أول شرطي يعترضنا.. إبتسم الحاج إبتسامة مزجت بسخرية وقال: نحن الآن في العاصمة والعاصمة ليست قريتنا حيث الكل يعرف الكل.. العاصمة دنيا اخرى .. اجابته جدتي بكل هدوء: كلها خلق ربي يا حاج ..!

صمت الحاج كما يصمت الرجال حين تأتي الحكمة من النساء ..

تقاذفتنا ليلتها مراكز التوقيف ومراكز الشرطة ومراكز اخرى لم أعد أذكر اسمها حتى خيل إلي أن العاصمة لا تحوي سواها... أخيرا عثرنا على جدي في أطراف المدينة.. لم نتمكن ليلتها من رؤيته لكن شرطي المكان تعهد لجدتي بايصال الخبز إليه والأهم من ذلك أنه أخبرنا بان جدي سيخرج في الغد في جميع الأحوال ..

عدنا إلى القرية فوجدناها مقارنة بالعاصمة قطعة من ظلام لكن شعرت بالراحة وأنا أرى قريتنا من جديد.. أصرت جدتي على إعطاء مبلغ من المال إلى الحاج لقاء تعبه وأصر الحاج، على غير عادته، على عدم أخذ مليما واحدا..

دخلت البيت واتجهت مباشرة إلى الفراش ونمت .. ولا أعتقد أن جدتي قد نامت ليلتها ..

نهضت من الغد على صوت جدي يردد على مسامع جدتي لا بأس.. لا بأس..
ظننت انني أحلم ..لكن إسترسال جدي في الحديث جعلني انزلق من غياهب الحلم
إلى حلاوة الواقع ..
شعرت بالسعادة لم أشعر بها قبل غيابه ... بالرغم أنه لا شيء
قد تغير ..جدي هو نفسه الذي كنت أراه يوميا.. وهذا الكرسي هو نفسه ، وهذه النافذة هي نفسها يطل منها شعاع الشمس يوميا في مثل هذا الوقت ..ما الذي تغير ؟
لا شيء تغير ! هو فقط الغياب يلفت انتباهنا إلى سعادة نعيشها دون أن نعيها ؟ قمت وسرت في إتجاهه وعانقته.. أنا الآن سعيد..!

لقد اطلقوا سراحي باكرا هذا الصباح بعد أن اخذوا مني تعهدا بان لا أخوض في أمور المقطع و أعملوني أن في القرية عيون تسهر على احترم ما تعهدت به..
جدتي لم تجبه فقط قالت : لقد حلبت البقرة هذا الصباح وأعددت لك ملابس نظيفة..
ما يبهرني في علاقة جدتي بجدي هو هذا التناغم والانسجام دون الكثير من الكلام

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire