mardi 6 avril 2010

المدينة العاهرة


من مرتفع شارع 9 أفريل 1938 أطل على المدينة ..غارقة في علوها .. يعترضك أبن خلدون مرتين وأنت تجوبها بنظرك.. مرة واقفا يحرس الساعة من الوقت وممسكا بكتاب لم يفتح منذ قرون ومرة ملقيا بظلال برنسه على أول الأحياء من جهة غروب الشمس ..

بين البحر ومسقط الشمس تمتد المدينة متقوقعة على ذاتها ..لا شكلا هندسيا لها كأنها بنيت على عجل.. انهج ضيقة تسير وتميل دون سبب واضح نحو اليمين أو اليسار أو تنتهي بحائط مائل ... كأنها تخاف إستقامة الطرق و وضوح الرؤية ..كل شيء فيها مؤجل إلى مابعد المنعرج أو المنفرج .. متاهة من الأزقة تتزاوج فيما بينها وتتوالد انقساما على ذاتها كالخلية ..

من فوق يمكن مشاهدة ديار من الداخل.. كل البيوت تحتفي بالحياة في الوسط ومن الخارج لولا الباب لما عرفت أن هنالك حياة خلف الجدار.. إمرأة تنشر غسيلها... طفل يلهو وسط الدار... أب يتوضأ عند البئر.. وشعاع شمس يطوف بالمكان و يطهر البيوت من انغلاقها على ذاتها ..

فوق السطوح تنتشر علب الجعة الفارغة التي شُربت على عجل بعيدا عن عيون الجار والاف الصحون اللاقطة تتلقى أوامرها من السماء.. البعض منها دوّار كعباد شمس يبحث عن الدفء المعلب و مشاهد حميمية في بطاقات المغناطيس ..

من كل صحن يتسرب خيط رفيع أبيض تسري فيه الدنيا وما فيها.. إلى جانب هذه الخيوط ، خيوط أخرى سوداء غليظة موغلة في القبح، تحمل الكهرباء تقفز من جهة إلى أخرى دون سابق إنذار... بالاضافة إلى الآف الخيوط الأخرى لا يمكن بالعين المجردة معرفة من أين تبدأ وأين تنتهي .. كل هذه الخيوط تتشابك فيما بينها حتى تبدو وكأنها تشد البنايات إلى الأرض مخافة انزلاقها إلى البحيرة ..

لايكاد يخلو سطح من السطوح من كرة تعذر على الأطفال انزالها أو فردة حذاء فقدت خطوتها أو قوارير مكسورة.. وبين الشقوق تطل بعض النباتات الطفيلية (طفيلية على من ؟ ) تتغذى من قطرات ماء تنزف من ميزاب مكسور ...

عندما تضيق البيوت باهلها يتوجهون إلى الاعلى ..!

للاقتراب أكثر من السماء ، يوجد فوق كل سطح مشروع بناء حال دون اتمامه الدينار ، .. حمراء المدينة حمراء .. وأعمدة الأسمنت التي يعلوها الصدأ مُدَّت كالاذرع المبتهلة : يا الله نسألك الستر و"صبان الدالة" ..

أنظر إلى المدينة من أعلى وتبدو لي كل مشاريع البناء بجدرانها العارية وافواهها المفتوحة كأنها لعبة مع العدم !

أ من أجل هذه الأعشاش يكرس الانسان حياته ويشتغل كالبغل من أجل سطل "بغلي" ؟ في كل عش من هذه الأعشاش قصة مع البنك ، وأطنان من الورق..

أ من أجل هذا يحي الأنسان ؟ ماهو هدفك في الحياة ؟ "نصب الدالة! وإن كان أكثر طموحا يضيف : ونعرس ! "

أنا أقول لكم : هدفي في الحياة نسب الدالة وكل من سوى بين الأسمنت والحياة!"

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire