mercredi 14 avril 2010

الكرسي الإحتياطي


للمرة الثالثة يعتذر سائق القطار للمسافرين عبر مكبر الصوت عن التأخير لدقيقتين ثم يتمنى لنا رحلة سعيدة ..يسير بنا القطار .. لا! .. أعيد هذه الجملة .. يسيل بنا القطار وسط الغابات.. أخضر كل شيء أخضر هنا ....آه يا تونس الخضراء ..

الصمت نصب خيمة وسط القطار ..الكل منهمك في القراءة أو مشاهدة بعض الحيوانات البرية التي تظهر من حين إلى حين .. أيل، أرانب ، طيور ضخمة ، وأقل ضخامة.. تتحول النافذة الكبيرة إلى شاشة متحركة ثلاثية الأبعاد ورابعها الزمن.. الصورة حية تسعى مع القطار في نفس الإتجاه .. ترتخي الأعصاب و عضلات العين وأنت تنظر إلى هذه المناظر .. هل هنالك جنة اخرى غير هذه؟ أولاد القحبة ما الذي يجعلهم أحسن منا ؟ أو من الذي يجعلهم..لا فرق النتيجة واحدة..

قسمت كراسي القطار أربع في أربع والبعض منها مفرد لمن يفضل الحديث مع النافذة .. جلست في ذات الأربع، أمامي إمرأة بدينة فاضت عن كرسيها تمسك كتابا تتصنع منه القراءة..أو هكذا بدا لي أمرها.. فاتحة ساقيها لمرور الهواء ..

الكتاب أيضا فاتح دفتيه ومن مكاني ارى سوادا كالوبر يسري على الصفحة البيضاء .. أكره اللون الأبيض.. لا طعم له ..أتخيل حروفنا وقد كتبت على الصفحة البيضاء ؟ يبدو شكلها موغل في التضاد السلبي .. أفضل كتابة حروفنا فوق لون السفرجل..

لاحظت اهتمامي بالكتاب الذي بين يديها، فأدارت لي دفّته الأولى لكي اتمكن من قراءة العنوان... رواية، عنوانها "حب فوق عجلات القطار" .. كتابها يشبه كل الكتب المطبوعة على عجل.. رزمة من الأوراق شدت بلصق سائل من الخلف تحتضنهم دفتان من الورق المقوى الزهيد الثمن ..

أثارت في الرغبة في القراءة ولم يكن معي كتابا للحالات الطارئة .فقط بعض أبيات من الشعر احفظها منذ كنت مراهقا حاولت استحضارها لاؤثث بها هذا الصمت .. بيت هنا وبيت هناك ثم انتهت أبيات شعري ولم ينته الصمت ..

عادت تقلب الصفحة وترفع ساق على الأخرى ورغبتي في القراءة تزداد .. نفذت ابياتي وصفحتي لا تزال بيضاء ..

راودتني فكرة الطلب منها أن نقرأ معا .. وما المانع؟ أنا بطبعي اقرأ من اليمين إلى اليسار وهي تواصل القراءة في الاتجاه المعاكس لي.. روايات الحب يمكن قراءتها من أي صفحة تريد أو حتى تناولها من الخلف ذلك لا يغير شيئا.. ستجد نفس المتعة و نفس الاحساس الجميل و أنت تقلب الصفحة.. قد تتغير النهايات أي أنك قد تبدأ بالمأساة لتنتهي إلى الكوميديا أو العكس لكن ذلك لا يغير شيء في عقدة الرواية حيث سألتقي مع المسافرة التي أمامي والفاتحة ساقيها لمرور الهوى.. هذا طبعا إن قبلت عرضي بان اقرأ من كتابها .. بدت لي أنها تلتهمه وأنا لا زال أتصارع مع الفكرة التي تراودني منذ ساعة تقريبا .. ماذا أقول لها ؟ ما أصعب البدايات حتى في الروايات

فجأة توقف القطار في محطة تقع بين محطتين .. جمعت ساقيها وأدباشها وأنا لا أزال أتصارع مع الفكرة التي تراودني منذ ساعة... تقريبا... ثم في حركة سريعة منها بعثرت بها كل أفكاري وأشعاري و مدت لي يدها وفي آخرها الكتاب وقالت: أهديه لك لقد أتممته للتو

وغابت في صفارة القطار

1 commentaires:

Dovitch a dit…

جمييييييل ..برافو

Enregistrer un commentaire