lundi 30 août 2010

دماغ





عندما خلعت الدماغ عن الجمجمة لا أنكر انني صدمت بهول الفراغ الذي تركه خلفه... حفرة عميقة و ظلمة الدهاليز.. لم أمسك مشرطا في حياتي قبل هذه المغامرة .. ثم استهوتني اللعبة .. فقمت بنزع الجهاز العصبي بالكامل وأبقيت على كل الشرايين المؤدية إليه والخارجة منه والمارة عبره.. في لحظة ما لم يعد منظر الدم يربكني .. أصبحت أجد متعة في تفكيك ما هو قابل للتفكيك.. هذا القلب الذي تغنى به الشعراء و أبكى الكثير هو تحت مشرطي الآن .. انزعه من مكانه.. صدر بلا قلب.. فراغ..

فوق طاولة منفصلة وضعت الأنا .. دماغ يصدر أوامره للقلب بان يشتغل ويضخ الدم إليه ليشتغل الدماغ بدوره ويرسل أوامره إلى القلب ليضخ له الدم.. أيضا بدوره ..حلقة مفرغة بدورها .. أنابيب تحمل الدم ليعود من الجهة المقابلة في شكل أوامر عصبية ..

فوق الطاولة التي أمامي كتلة من اللحم والعظام فاقدة للانا ..أتذكر الآية.. مفادها أن الأنسان خلق من تراب .. هل نحن في حاجة إلى وحي ورسل ومعارك وفتوحات وسبي وقتل ودماء تسيل ومراكب تحرق ورؤوس تطير .. لمعرفة هذا ؟ ...

خلفي الآنا وما إحتوى ..

الدماغ يتغذى بالدم والقلب يشتغل بشكل عادي .. دماغ دون مكبرات صوت ولا كاميرا ..فيلم يشتغل دون أن نراه.. فيلم بالاسود والأسود .. فيما يفكر الآن ؟ الدماغ المحض ! هل يتغذى على أحلامه السابقة قبل أن ينطفأ النور؟ من سينفذ أوامره؟ إرادة محضة بدون وسائل ..

ثم شعرت فجأة أن النور ينطفأ.. ينطفأ فعلا.. وتسحب من يدي رواية المشرط .. فغبت في نوم عميق 

ملاحظة : عملية فصل الدماغ تمت فعلا على القردة بنجاح منذ سنوات

samedi 28 août 2010

نص الحوار الذي أجرته معي الصحفية أمامة الزاير في الطريق الجديد


رأيته وافدا بين أسراره"

أي ظلام في الكون خلف الظلال؟

العين الراعبة والوجه المشقق يملأ الجذوع

تلك القامة الوافدة تخرج من الجدران

ألحان حجرية تواكب خروجها من الأشياء إلى الأشياء..."

بول شاوول

عادة ما ننظر إلى الأشياء كما هي , كما تعودنا أن نراها , أشياء بسيطة تملأ تفاصيل حياتنا ولا نكاد نتفطن إلى امكانات جديدة لإستعمالها أوحتى ندرك زوايا النظر المختلفة التي قد تمنحها أبعادا أخرى أكثر عمقا.. لم نحاول تجريدها من ملابسها ومما يجعلها ديكورا باهت الألوان فاقدا لبريقه , لم نجهد أن نستشف ما خلفها وما يمكن أن تفاجئنا به من أسرار و لغات و ألعاب نارية و أقواس قزح و روائح مختلفة. لم نتمكن من رؤية ما تحمله في أعطافها من حياوات أخرى غير التي تعودناها..لم نصرخ كما صرخ درويش يوما " ما أجمل الأسرار الكامنة خلف الباب الموارب"..

أليس الفن هو إعادة تحويل هذه الأشياء واستخراج ما يكمن فيها..؟

أليس الفن نسفا للعادة وخرقا لكل القوانين و الحدود التي تقيد أعيننا فلا نرى..؟

ألا يمكن أن ندعي أن المبدع يخرج من دوائر الروتين ويحمل في حقيبته ألعابه السحرية التي أعاد تشكيلها وصياغتها..؟

ألا ينبغي أن نعيد النظر في مسلماتنا ونكتشفها من جديد ممزوجة بطاقات تخييلية تعبر عن قلق المبدع حيال رتابة هذا الواقع فتضخ فيه دماء جديدة وتجعله يتكلم لغة أخرى..؟

أسئلة كثيرة تطارحناها مع الفنان التشكيلي أرتيكولي الذي يعيد النظر فيما تعودناه ويصوغه وفق رؤية فنية مختلفة.

وهو مبدع تونسي يعيش حاليا في ألمانيا حيث كانت بدايته الفعلية كما قال . و قد شارك في جملة من المعارض كان أولها معرض شخصي سنة 2007 تحت عنوان "رونكونتر" وفي 2009 تحصل على الجائزة الثانية في مسابقة جمعت أكثر من 30 فنانا كما شارك حاليا في معرض جماعي تحت عنوان :"حرية، لقاء في الألوان " أقيم في ألمانيا يوم 20 أوت الجاري.

وقد كان لنا معه هذا الحوار:

ط.ج: ثمة طفل يقبع داخل كل فنان , يقفز إلى يديه ويشكل تفاصيل ما يبدعه معلنا أن الفن لعب صرف. فهل ينهض طفل ما فيما تنجزه من أعمال فنية ؟ وهلا حدثتنا قليلا عن هذا الطفل؟

أرتيكولي : الفن لعب , هذا صحيح إلى حد ما , أعتقد أنه لعب يتسم بالجدية .. لعب مع فكرة اللعب ذاتها.. محاولة للمصالحة مع الطفل الذي بداخلنا والذي قمعناه

حسب رأيي يصنع الطفل حقيقته ويصنع عالمه , لكن المجتمع يقمعه ويجبره على التخلي عن عالمه الطفولي لعالم أخر، يعتقد المجتمع أنه أكثر نضجا والواقع أنه عالم عبثي..

الفنان يجتهد ألا يخون عالمه الطفولي و يحاول أن ينجز مصالحة مع الطفل النائم في داخله ويحرره ويعيده إلى مناخاته الأولى.بهذا المعنى الفن هو لعب مع الطفل القابع فينا واقتسام للادوار،الفنان يمد الطفل باللعب والأشكال التي يصنعها والطفل يسلح الفنان بمنطقه البسيط : كن أنت حيثما تكون على رأي الشاعر محمود درويش ..

الفنان كالطفل تماما يطرح دائما الأسئلة ولا اجوبة لديه .

ط.ج: أنت تنظر إلى العالم بطريقة مختلفة , تحاول أن تكسر حدود العادة وتشكل الأشياء والعناصر وفق رؤية فنية مخصوصة . فهل تقتل العادة ماهو جمالي في هذه الأشياء ؟

أرتيكولي: أعتقد أن الجمالي لا يوجد في الأشياء ذاتها بل في طريقة رؤيتنا لها..في خلق علاقات جديدة بما يحيط بنا.. فالفكرة الأساسية التي تحوم حولها جل أعمالي هي إعادة النظر بطريقة مختلفة إلى أشيائنا اليومية و بطبيعة الحال إلى افكارنا اليومية.. نحن في حاجة إلى "إحترام مسافة الأمان" بيننا وبين الفكرة.. لقد التحمنا بها إلى درجة أننا لم نعد قادرين على رؤية الطريق.. لقد أصبحت القيادة ترزح تحت ثقل العادة كسائق التاكسي يحدثك عما يجري في هذا العالم وفي العالم الآخر وفي نفس الوقت يقود سيارته بشكل آلي..آلي إلى درجة أنه لا يمكن التفرقة فيزيائيا بين عضلاته و ردة فعل لوالب الفرامل..لقد أصبح جزءا من السيارة..يخضع لقوانينها ..

لقد اعتدنا أن نقطع التفاحة بالطول على شكل أبراج.. هل قطعت مرة تفاحة بالعرض ؟ حين نقطع تفاحة بالعرض نكتشف أن بداخلها نجمة.. في كل مرة نقطع تفاحة بالطول أي بالعادة، نغتال نجمة في السماء !

كل أفعالنا نقوم بها بالطول ..نفكر بالطول، نحلم بالطول نمارس الجنس بالطول حتى قهوة الصباح نشربها بالطول. فلنحاول مرة العرض.. العرض هو الأفق ..

فإلى أي مدى أنت أنت ؟ والأفكار التي تعبر عنها هل هي ما يعبر عنك ويحكيك ؟ إلى أي مدى تعيش حلمك ؟ هل تلبس حلمك أم يلبسك ؟ وهل معنى أن تكون فنانا أن توجد لباسا مخصصا للفن تفتح الباب و تقفز فيها ؟

لابد أن نكون أحرارا تجاه ذواتنا لنكون مبدعين . وإن كان للفن من دور فهو لن يكون إلا تغيير وجهة المعنى , و دفعك إلى طرح السؤال واستفزازك بأن يبتعد عن الفكرة قليلا ويعيد تشكيلها.

ط.ج: تعتمد أساسا تقنية الكولاج لإعادة تشكيل الأشياء , فإلى أي مدى تستجيب هذه التقنية لملامح رؤيتك الفنية ؟

أرتيكولي : هنالك مقولة شهيرة تعجبني كثيرا تقول" الكل هو أكثر من مجموع الأجزاء المكونة له "

Le tout est plus grand que la somme des parties

تقنية الكولاج تخول لك العثور على الفرق بين الكل وجملة الأجزاء المكونة للكل .. تسمح لك بخلق فضاءات جديدة وعلاقات غير معلنة بين أجزاء العمل الفني ..

ط.ج: هل تخلص لمقولة " الفن للفن" ؟ أم أنك تؤمن أن الفن الذي يتشكل من الواقع يعبر عنه ويطرح اشكالاته وفق نسق استيطيقي وفلسفي ؟

أرتيكولي: لا أميل كثيرا إلى فكرة أن الفن له مهمة عليه القيام بها.. لدي حساسية مفرطة بطبعي تجاه عقلية المهمة (mission .. ) وعقلية أدلجة الوجود.. الفن حسب رأيي لا دور له سوى الفن ذاته..أو كما قال جوته "هدف الحياة الحياة ذاتها " فالفن هو تجربة ذاتية بالاساس لكن رغم هذه الصبغة الذاتية لا أرى تناقضا بينه وبين الواقع.. فالفنان يعبر عن هموم الواقع بشكل أو بآخر

ولعل الفن يزيل قليلا هذه الهموم حين يخلق لغة جديدة ويدفعنا إلى رج قناعات الرتابة .. لكننا مازلنا نتحدث بلغة قديمة عن مشاكل حديثة..

ط.ج: ما رأيك في واقع الفن التشكيلي في تونس ؟ وإلى أي حد فقد خصوصيته في زخم البهرج والاستعراض و" التسليع" ؟ وهل يستجيب لطموحات المبدعين التونسيين أم أنه يفرض هجرته إلى الشمال..؟

أرتيكولي:لا أعرف الكثيرعن المشهد التشكيلي في تونس نظرا إلى أني أقيم في ألمانيا .. لكن زرت بطبيعة الحال معارض لفنانين تونسين .. أعتقد أنه ليس بالامكان الحديث عن فن تشكيلي تونسي.. نحن مازلنا نبحث ولم نجد بعد موطأ قدم لنا.. هذا ينسحب ليس فقط على الفن التشكيلي بل كل الفنون والميادين .. لماذا سيفلت الفن التشكيلي من ازمة الهوية التي نعاني منها منذ قرون.. تجاذب بين القديم ورموزه والحديث وتحدياته..بعض الأعمال بقيت حبيسة الحمام والفوطة والبلوزة متشبثة بالأصالة و إحياء التراث وبعض الأعمال الآخرى قامت بعملية نسخ لتجارب أوروبية وغربية و تصورت أن الحداثة يمكن استيرادها .. وهنالك من إعتقد أنه وجد الحل بخلط هذا وذاك في خلطة هجينة ..

مازالت تربطنا علاقات هيستيرية مع الماضي ومع الآخر على حد سواء ولم نتمكن بعد من أن نكون نحن! هكذا بكل بساطة دون السقوط في عقلية الحفاظ على التوازن في المعادلات الصعبة ومحاولات التوفيق والتلفيق بين الماضي والحاضر. وهذا لا يتأتى دون أخذ المسافة الضرورية لرؤية واضحة .. رؤية بارسباكتيف تلم بكل الابعاد ..

لا أعرف الكثيرعن المشهد التشكيلي في تونس نظرا إلى أني أقيم في ألمانيا .. لكن زرت بطبيعة الحال معارض لفنانين تونسين .. أعتقد أنه ليس بالامكان الحديث عن فن تشكيلي تونسي.. نحن مازلنا نبحث ولم نجد بعد موطأ قدم لنا.. هذا ينسحب ليس فقط على الفن التشكيلي بل على كل الفنون والميادين .. لم سيفلت الفن التشكيلي من ازمة الهوية التي نعاني منها منذ قرون.. تجاذب بين القديم ورموزه والحديث وتحدياته..بعض الأعمال بقيت حبيسة الحمام والفوطة والبلوزة متشبثة بالأصالة و إحياء التراث وبعض الأعمال الآخرى قامت بعملية نسخ لتجارب أوروبية وغربية و تصورت أن الحداثة يمكن استيرادها .. وهنالك من إعتقد أنه وجد الحل بخلط هذا وذاك في خلطة هجينة .. مازالت تربطنا علاقات هيستيرية مع الماضي ومع الآخر على حد سواء ولم نتمكن بعد من أن نكون نحن! هكذا بكل بساطة دون السقوط في عقلية الحفاظ على التوازن في المعادلات الصعبة ومحاولات التوفيق والتلفيق بين الماضي والحاضر. وهذا لا يتأتى دون أخذ المسافة الضرورية لرؤية واضحة .. رؤية بارسباكتيف تلم بكل الابعاد ..

طج: هل أنجزت معارض في تونس أو غيرها من البلدان؟

أرتيكولي: أول معرض شخصي لي كان في ألمانيا , كما تحصلت على جائزة ثانية في مسابقة فنية تحت عنوان " الفن والطاقة " في ألمانيا..ويوم 20 أوت 2010 شاركت في معرض جماعي بلوحة سميتها "لقاء"

بالنسبة إلى تونس لم تتوفر لي الفرصة كما أني لم أسع إلى تقديم أعمالي فيها.

ط.ج: هل يعني هذا أن المتلقي التونسي عاجز عن فهم أعمالك بما يعني استفحال أزمة التلقي ؟

أرتيكولي: يقول درويش " إن الوضوح جريمة" . وأنا لا أريد أن أقترف هذه الجريمة

حاورته أمامة الزاير

الطريق الجديد عدد 195

mercredi 25 août 2010

في الشعور واللاشعور وما بينهما


يسألونك عن اللاشعور قل هو صناديق ثلاثية الأبعاد نخزن فيها كل ما نود نسيانه .. أما الشعور فهو صناديق شفافة يمكن رؤية ما بداخلها كصناديق الأقتراع في دول العالم الثالج .. كل صندوق من الشعور يقابله أربعة صناديق من اللاشعور أي بعبارة أخرى كل ما نشعر به من فرحة بقدوم رمضان وفرحة بقدوم العيد أي فرحة بانتهاء رمضان وكل ما يقلب حياتنا من حب ونقلب به حياة الآخرين من كره وكل ما نشعر به من خوف من أن يسقط القمر و حزن حين تتردد الشمس في الطلوع وكل شعور غامض نعبر عنه عادة ب :"نحس في روحي درا كيفاه" وكل إحساس مسبق بعبثية صلاة الاستسقاء والأسترخاء وكل دوخة ناتجة عن خروج مادة لزجة أو العكس وكل إحساس بالغضب من تصريح صحفي للاعب كرة قدم ينتقد فيه نظرية النسبية.. كل هذا،..هذا كله لا يمثل سوى واحد من خمسة من حياتنا الشعورية أما الباقي فنكبته أو نكتبه دون أن نعلم ذلك.. اللاشعور يعلم عنا ما لا نعلم نحن عن أنفسنا ! قالها إمام المسجد قبل سقوط الصومعة عليه ذات صباح جمعة..

يحدث ان صندوقا من الصناديق القديمة "المدغورة" في قاع الذات و المعبأة بالاشعور يتسرب إليها الأوكسجين فيفعل الصدأ به فعله ويتسرب منه رائحة اللاشعور القاتلة.. هذه الرائحة لا طعم لها و لا لون أي أنها صالحة للوضوء ..لا تعترف بالضوابط الاخلاقية ولا بقانون الطرقات .. تخرج هكذا في شكل زلة لسان أو قلم أو ما بينهما من ثقوب الكلام الكثيرة و"اسألوا العشاق" ..


Photo:ART.iculer

lundi 23 août 2010

يوميات صيفية 3 : لنا بغل أقل


عندما صعدت اللواج الرابط بين مدينتين في الوطن القبلي استقبلتني المضيفة بابتسامة عريضة .. نعم إبتسامة عريضة .. نظرت إلى تذكرتي ثم اشارت إلى مكاني ذاك الذي يقع بمحاذاة النافذة.. أخذني مكاني وأنا لا أصدق ما أرى.. فوق كل مقعد مكيف للهوى .. أمامك شاشة صغيرة عليها شريط من الأزرار يمكنك إختيار ما تريد من الموسيقات العالمية أو أي فيلم..

امتلأت اللواج في لمح البصر.. تعبير مبالغ فيه.. كم نفنى على المبالغة.. حتى الجنة نبالغ في تصويرها لكأنها الفردوس .. صعد الكل وانشغلت المضيفة بتفسير إجراءات السلامة وكيفية ربط حزام الأمان عند مشاهدة الحرس ..

جمال المضيفة حال دون التركيز على ما تقول .. فقط أذكر أنها قالت:الرحلة ستدوم حوالي 30 دقيقة واننا سنتعرض لبعض الاهتزازات نظرا لحالة الطريق وتمنت لنا رحلة طيبة ..

متعبا من رحلة القطار ومن النقل العمومي ،استسلمت للنوم .. واطلقت أسارير وجهي المنقبضة منذ مروري في المطار تحت لافتة من قماش كتب عليها : تونس ترحب بأبنائها في الخارج.

انا لم أفارق البلاد قط رغم عيشي خارجها.. على عكس البعض ربما..

بين النوم والخواطر المتدفقة وعدم تصديقي لما أرى، يرتطم سمعي بصوت فرامل تلعق الأسفلت ثم أخذت السيارة تطوف بنا حول شيء ما تبين فيما بعد أنه بغل أراد دون سابق معرفة بنا أن يشق الطريق المشقوقة ..

إلتقطني الواقع بمرارته وأنا أخرج من علبة الصفيح ..كل شيء كان حلما ! كنت أحلم هروبا من الواقع ..

لا البسملة المكتوبة على باب السيارة ولا دعاء السفر المتدلي من المرآة العاكسة للقدر ولا آية الكرسي اللاصقة على ظهر الكرسي تدخلوا لتجنب وقوع الكارثة الوطنية : لدينا الآن بغل أقل



dimanche 22 août 2010

يوميات صيفية 2


كأن تونس تونسين، واحدة نلتقي معها في الشارع كل يوم وأخرى تطل علينا كل مساء من التلفزة ... عجزت عن العثور على الخيط الرابط بينهما.. أحاول في كل مرة البحث عن وجوه اللمحات الاشهارية أو المسلسلات الرمضانية.. دون جدوى .. ضحكة دائمة لم أرها قط حين كنت أتجول في شوارع العاصمة.. وحين كنت اتطلع إلى وجه سائق التاكسي العبوس وبائع بطاقات الشحن ونادل المقهى .. وبائع الحمص الغارق في الماء

ولان تونس ليست المدن الساحلية فقط.. وليست الشريط الساحلي من المدن الساحلية.. عجزت عن تفادي التفكير في طفل تونسي من داخل البلاد ينظر إلى التلفزة التونسية ويشعر بالغربة .. لا الاشهار يعكس حاجياته ولا المسلسلات تتحدث عن واقعه

التلفزة أصبحت تسوق الكذب .. وتبيعنا صورة مغلوطة

إمام يرتدي جبة "بيستاش" وبنوك تطمئن القلوب ومسلسلات عبثية تتعامل مع الفقر على أنه معطى يجب التعامل معه باحسان وليس نتيجة لسياسة إقتصادية قضت على الطبقة الوسطى وأفرزت لنا نقيضين

ما نراه في التلفزة هو وهم يريد البعض تصديقه

vendredi 20 août 2010

يوميات صيفية: 1


القطار القديم الرابط بين بير بورقبة ونابل لم يصل بعد.. البيتزيريا الوحيدة أمام المحطة تتواطأ مع الجوع لتحويل وجهتي.. خطوة واحدة ثم أرفع رأسي.. تسحب الفتاة العاملة هناك اصبعها من أنفها .. أعود إلى المحطة.. هزمتك يا جوعي

فوضى تعم المكان.. القطار وصل.. ينزل الجافلون ويصعد الغافلون .. عربة وقع تأهيلها على عجل .. أسفل النافذة توجد فجوة بفعل غياب ضلع الأطار السفلي، أصبحت مصب نفايات.. علب ياغورت فارغة.. ورق اللف.، قشور للشمس من عبادها

الألواح الحديديةالرابطة بين عربتين تصطك فيما بينها محدثة ضجيجا غير قابل لاطفاء الضوء عليه.. خلفي جزائري وزوجته و بنت صغيرة كلهم يحاولون إقناع بزناس / سمسار المحطة بان السعر الذي طلبه لقاء كراء غرفة في الحمامات يفوق مداخيل الجزائر من العملة السهلة المتأتية من تصدير الغاز

على ظهر الكرسي الذي أمامي صورة رمزية لقلب بشري و حرفان ص + خ.. وسهم يخترق القلب و غلاف الكرسي في آن .. من تحت كتب: حب يهزأ بالمستحيل: هات دينار

الألواح لا تزال تفعل فعلها مع كل إهتزاز لعجلات القطار .. وعلامات ليونة بدت على بزناس المحطة من خلفي في نقاشه الحاد مع الجزائري .. ذلك من علامات قروب القطار من محطته الأخيرة قبل العودة في الأتجاه المعاكس

أنزل مسرعا دون رأس .. أهرول في إتجاه الباب كديك مذبوح على الطريقة الأسلامية


الصورة :درج القطار الرابط بين سوسة وتونس

يتبع