mardi 12 janvier 2010

أسلوب عادي في سرد وقائع غير عادية 2

يقع بيت جدي عند مفترق للطرق حيث جامع القرية الوحيد على يمين الطريق المؤدية إلى العاصمة ، والذي ساهم كل أهل القرية في بنائه بما تساقط من حجارة الجبل حتى لا يخيل إليك من بعيد وأنت قادم إلى القرية أنه إمتداد عمودي للجبل..يتكون البيت من غرفتين واحدة تشرق فيها الشمس وهي غرفتي المفضلة وأخرى تشكل زاوية قائمة مع الغرفة الأولى لا تدخل إليها الشمس إلا لماما بل كان خيالي يذهب بعيدا وأنا طفل صغير وأتخيل الشمس إمرأة ترفض الدخول إلى تلك الغرفة لسبب أجهله. لذلك كانت تلك الغرفة تسودها الرطوبة والظلمة المشوبة بالزرقة وكنت استغرب تفضيل جدي الدائم للصلاة في تلك الغرفة إلى أن استجمعت ما يكفي من الشجاعة لطرح السؤال عليه فظل جوابه يتردد في أذني كلما تذكرته .. قال: إن الظلمة باعثة على الخشوع والخشوع مقوى للتقوى والتقوى طريق الايمان ..هكذا قالها جملة واحدة دون توقف.. وأنا، لاستيعاب كل ما قاله أمسكت بالكلمة الأولى و بالكلمة الأخيرة من جملته الطويلة، ثم حاولت حشو بقية الكلام بين الظلمة والايمان..

كانت القرية منعزلة نسبيا عن العالم الخارجي وكان الجبل يمثل أفق القرية من جهة البحر .. إلى أن سرى خبرا مفاده أن شركة إيطالية تريد إقامة مقطع للحجارة في الجبل وهو مشروع ضخم مقارنة بما تعيشه القرية من إنكفاء وإكتفاء ذاتيين..

دخلوا القرية من جهة البحر وأقاموا ميناءا صناعيا مؤقتا في الجهة الاخرى من الجبل ثم جلبوا آلات القص والصقل على ظهور السفن و تمركزوا عند إلتقاء البحر باليابسة وأقاموا ما يشبه المعسكر ..كل هذا وأهل القرية يتناقلون الحديث عما يجري دون فهم ما سيقع لجبلهم فعلا ..إلى أن إستفاق أهل القرية ذات صباح على قرقعة آلات القص وأزيز وغبار كثيف يعلو الجبل ..

كان ذلك صباح اليوم الذي أتى فيه شيوخ القرية وكبارها يسألون جدي، بوصفه أكبرهم سنا وإمام الجامع الوحيد عند مفترق الطرق،إن كان المقطع، الذي بدأ العمل صباح ذلك اليوم، لا يؤثر على إستقرار الأرض باعتبارهم سيقتلعون جزء من الجبل الذي هو وتد للارض بناءا على الاية وجعلنا الجبال أوتادا ..؟

17 commentaires:

ferrrrr a dit…

كل شيء في محله الا العنوان، ارى العكس، الاحداث عادية، اقصد مقبولة، الاسلوب هو الذي يتميز، اسلوب غير عادي... لا مكان لهذه القصة في كتاب النصوص للسادسة ابتدائي.. ام ستقول مرة اخرى ان المخزن وما يزخر به الخ... هو السبب في...الخ. اقلب العنوان و تفكرني

ART.ticuler a dit…

كلامك صحيح فررر لو نكتفي بظاهر اللفظ ..لكن لا القرية قرية ولا الجبل جبل ..كلها مجرد رموز تجعل الوقائع غير عادية والأسلوب مهما حاول المراوغة يبقى أسلوب عادي لانه ليس من السهل خلق جملة أدبية جديدة ..شكرا على المرور وحل كعبة .

brastos a dit…

انا مع فكرة الفررر الى حد كبير
الوقائع واحدة .. مستقلّة عنّا و عن نظرتنا لها و عن كيفية سردنا لها
الذّات الهاذية (وهو اسلوبك الذي استحسنه) تحاول التشبّث باحجار الجبل و احجار البيت العتيق
من الاكيد انّ الامر يكون مختلفا لو وردت هذه الاحداث في تقرير لنشاط بلدية المكان مثلا .. او لنشاط الادارة الجهوية للتجهيز
رغم انّ الاحداث هي نفسها

ART.ticuler a dit…

أهلا بيك

لم أفهم جيدا ما تريد قوله: "تحاول التشبّث باحجار الجبل و احجار البيت العتيق"..أجيبك حسب فهمي لما قلت.

أنا اختلف معك في أن الوقائع مستقلة عنا، بل أكاد أقول أن الوقائع لا وجود لها خارج وعينا بها .. وبما أن الوعي

يختلف من شخص إلى أخر فمن الطبيعي أن تختلف الوقائع من شخص إلى آخر ..أعطيك مثالا

أنا أرى في الجدار الذي تبنيه مصر على حدودها مع غزة (وقائع) خنق للمقاومة وغيري
يرى(نفس الوقائع) حق مصر في ممارسة السيادة مثلا.. ترى معي كيف أن نفس الواقعة ليست مستقلة عن وعينابها بل حتى عند سردنا لوقائع تاريخية مضى
عليها مئات السنين فان الذاتي لا بد أن يتدخل فتصبح بذلك الكاهنة رمزا للمقاومة أو عدوة للاسلام.. أما اشارتك إلى "التقرير البلدي " من حيث هو "سرد" موضوعي للاحداث فرأيي هو أن هذا هو بالضبط ما يجعل العمل الأدبي يختلف عن العمل الصحفي مثلا ..ليس الأدب وصف الواقع كما هو بل إعادة إنتاج الواقع بشكل فني..والرمزية تلعب دورا مهما في هذا الصدد و تفتح للكاتب مجالات واسعة .. قريب تولي تدوينةجديدة ههههة أيا حل كعبة ;-)

ferrrrr a dit…

تصور الأن بيتا من المعمار الروماني الذي صار بعدها عربيا ايضا، بأربعة غرف متناظرة و فناء داخلي، ماذا يصير من امر الفناء ان انت هدمت الغرف الاربعة، ماذا ستسميه و ماذا سيكون من وجوده؟ هل يغير وعيك به او عدم وعيك به شيئا؟ حل كعبتين

ART.ticuler a dit…

سيصير فناءا مفتوحا على كل الاحتمالات :-) ..

إن الفناء هو نتيجة لالتقاء الغرف الأربعة حوله ومن الطبيعي أن ينتفي بمجرد إنتفاء العناصر المكونة له ..بل أن كلمة الفناء (بمعنى الوسط وليس الاضمحلال ههه) لا يمكن استعمالها دون إضافة, فحين تقول وسط لابد من إضافة لتحديد وسط ماذا؟ وسط البيت ، وسط الغرفة ..إلخ وبالتالي فوعينا بالفناء هو إنعكاس لوعينا بالغرف الأربعة المكونة له.. حل وقص المكعبات كما يجب :-)

ferrrrr a dit…

الفناء موجود قبل وجود الغرف وصاحب الغرف، على الاقل كمبدأ لالتقاء الغرف، في ما يخص الاستعمال: كلمة باب ايضا لا تستعمل اذا الا مربوطة بعنصر آخر، و تنفي بذلك وجود الاشياء خارج "المنظومة"، موقف جريئ في راديكاليته، وكلمة "كعبة" ايضا دائما مربوطة، حليت كعبتين؟

ART.ticuler a dit…

بالفعل الاشياء لا وجود لها خارج"منظومة " فالباب لا وجود له دون وجود عنصرين :داخل وخارج .. والفناء لا وجود له دون غرف أربعة أو ما شابه.. تماما كمكعبات الجبن لا يمكن لها أن تتخلص من الشكل طول وعرض وسمك ..لها أن تصبح مسطحة أو كويرات أو ما شأت أن تكون لكن لا يمكن لها أن تتخلص من الفورم ...لا وجود لمادة دون شكل ! هل لديك مادة دون شكل؟ إذن افتحها و صب :-)

ferrrrr a dit…

ذهبت الى موضوع آخر، هو ايضا محل بحث، ابحث عن شكل لا ينفذ محتواه ابدا، صارت تزعجني هذه القورارير التي تفرغ دائما في نهاية الامر، ما رايك في قارورة لا تفرغ ابدا مهما "صبيت" منها؟

brastos a dit…

ما اردتُ قوله بـجملة
ـ"تحاول التشبّث باحجار الجبل و احجار البيت العتيق"ـ

هو ان اسلوبك الذي وصفت به عملية البدء في اقتطاع اجزاء من هذا الجبل قد "فضحت" تعاطفا معينا منط تجاه الجبل و ما يحيط به
انظر الى مثل هذا التركيب : "دخلوا القرية من جهة البحر" لو اقتطعنا هذه الجملة من سياقها ، الا توحي للقارئ بانه إزاء حرب او فتح او ما شابه ؟ بالتاكيد نعم
جلبوا آلات القص والصقل على ظهور السفن
هذه الجملة ذكّرتني بـ"ظهور الدبابات"ـ
تمركزوا عند إلتقاء البحر باليابسة وأقاموا ما يشبه المعسكر


فرقعه

قصّ

أزيز

غبار


كلّها استعارات جعلتني كقارئ ( قارئ ملتذّ حسب رولان بارت ) اقرأ كما اريد .. و اعيد كتابة نصّك من جديد و انا اقرأه

قد تكون للاشياء (الوقائع و الاحداث في احد معاني الاشياء) دلالات وظيفية ..
إشارات حنينية ربما
وظائف رمزية .. لكن ان تقول لي ان الاشياء لا وجود لها خارج وعينا بها .. فهذا ما لا اتفق معك فيه

وعينا ليس ابديا و لا مطلقا و لا منطلقا
اوليا لا سابق له .. اختلاف الرؤية للاشياء و قراءتها لا يعني انها من نتاج قراءتنا و رؤيتنا لها..بل يعود ذلك الى الاختلاف في مرجعيات الذّوات القارئة اختلاف المرجعيات الثقافية و النفسية الخ


شوف لاخر كيفاش رقد على شويّة الكمـْـيَه

ART.ticuler a dit…

قراءتك براستوس هي أحدى القراءات التي عمدت على استفزازها ..الدخول من البحر لم يكن إلا غزوا واحتلالا ..نابليون بونابرت ،الرمان، الفرنسين في الجزائر، الأسبان في ميناء حلق الوادى ..إلخ وذلك مع حاولت التذكير به من خلال شركة إيطالية عمدت إلى بناء ميناء وقتي أي من أجل مهمة وقتية تنتهي بانتهاء الحجارة من الجبل .. ثم أن الجبل ذاته صحيح أنه يرمز إلى التاريخ/الوطن /الذاكرة..وهو بهذا المعنى ذو أبعاد إجابية لكن نفس الجبل يتحول إلى "سد" ومانع من الأتصال بالاخر فهو "أفق القرية من جهة البحر " وهنا عمدت إلى أن يكون الرمز ليس رمزا جامدا ويحمل معناه من رمزيته بل إلى أن يكون رمزا ديناميكيا يحيل إلى قراءات متعددة ..

من هنا ترى أن النص ينقسم ليس فقط إلى ظاهر وباطن بل حتى الباطن ذاته يحيل إلى بواطن اخرى ويخضع بدوره إلى الرمزية فكأن النص لا قرار له .. حسنا فعلت عندما اعدت تركيب النص لان ذلك بالضبط ما هو مطلوب من القارىء المتآمر مع الكاتب على اللفظ ... كما يتآمر الفررر على الكمية ههههه

ferrrrr a dit…

القارورة "التي لا تفرغ ابدا" هي الاسلوب الاستثنائي في الكتابة، وحتى تظهر\يظهر نسكب من هذه، العادية، وان كانت جذّابة بطريقتها



شنية الشوهة الي عملتوها على طرف كمْية؟

brastos a dit…

@ ferrr

هههههههه

شوهة

:)

الاسلوب .. ألا يقودنا هذا للحديث عن البنية .. و البنيويّة .. و مآزقها
أن نجتثّ الكاتب عن سياقه الاجتماعي الثقافي الطبقي النفسي .. و نحتفل بجمالية او تجديدية اسلوبه .. فقط ..

نوّرونا يا خويا

و انت من غادي .. سايس على شويّة القريّار

ferrrrr a dit…

@ brastos
ما قصدته هو التأسيس لجملة روائية جديدة تحسم نهائيا مع الماضي، ولا اسف على السياق الاجتماعي والثقافي و الطبقي وغيرو... شوف هاك الماضي الاغر! لا اسف على جمالية دميمة، المشروع هو جمالية مستقبلية لا حكم واضح عليها بعدُ، واسلوب جديد يحمل ايضا جينات السياق الاجتماعي والثقافي والطبقي والبقية، الجديد منها طبعا...

ظاهرلي خلوظتها، بوها افرز وحدك

ART.ticuler a dit…

@brastos
أنا مع فكرة الفررر ..لابد من البحث عن جملة أدبية جديدة حتى لا أقول ثائرة ..ثائرة بمعنى أنها تقطع مع التعابير الجاهزة التي يمكن استعمالها في أي موقف و "غير ما يجب تغييره .." قليلة جدا هي الروايات التي بدأتها واكملتها من جراء رتابة التعابير وسطحية اللفظ ..نحن في الحقيقة في حاجة إلى جملة جديدة ليس فقط في مجال الكتابة بل وأيضا في المطبخ ،في البيت ،في علاقاتنا، ..لا بد من حذف المبني إلى المجهول ونبني الجملة في جميع مجالات الحياة إلى المعلوم ..كل الافعال تفيد الحركة إلا أفعالنا فقدت القدرة على الفعل وأصبح الفاعل ضمير مستتر تقديره القدر .. بل حتى الجملة لم تعد تكتفي بمفعول به واحد بل هنالك مفعول به أول و ثاني ومفعول مطلق كالحقيقة المطلقة لتكتمل الصورة ..

ferrrrr a dit…

@Articuler

تقول: قليلة جدا هي الروايات التي بدأتها واكملتها من جراء رتابة التعابير وسطحية اللفظ

تقصد ولا شك بدأت مطالعتها

ART.ticuler a dit…

لا يمكن حسب رأيي فصل الكتابة عن القراءة ..على المستوى النظري على الأقل..

Enregistrer un commentaire