mercredi 30 juin 2010

ثقب


هوايتي الصراخ .. يعجبني الصراخ.. أصرخ أحدث ثقبا في السماء .. صحيح أن السماء سرعان ما تعود كما كانت لكن .... أصرخ رغما عني.. أمي قالت انني حين أتيت إلى هذا العالم بدأت بالصراخ.. ككل من يخرج من ثقب إلى ثقب جديد.. من منا لم يخرج من ثقب ما؟ البعض منا يعتقد أنه خرج من بيضة وهذا صحيح لكن البيضة خرجت من ثقب..

جدتي، عندما تحدثني تبدأ دائما بالقول : يومك الأول في المدرسة كان يوم بكاء وصراخ .. لم يكن خروجي من ثقب البيت سهلا.. لم أنهض كعادتي يومها .. سحبت من الفراش وارسلت إلى المدرسة .. لا أعرف أحدا .. والكل كان يصرخ.. لم يعلمني أحد بهذا التغيير الفجئي .. كل شيء كان يدور من خارجي .. نحن نتلقى الأوامر لا غير .. إلى اليوم نفعل نفس الشيء.. أو العكس..

ذات صباح.. شعرت ببلل في ملابسي الداخلية .. لم تكن لي ملابس خارجية.. سائل يميل نحو البياض.. صدمت حين وجدته لزجا.. ما هذا؟ لا أحد يعرف.. أردت الصراخ.. كعادتي.. أمي ابتسمت.. كلما تبتسم أمي أشعر أن الأمر ليس خطيرا .. إذهب مع ابيك إلى الحمام هذا المساء... دخلت بيت "السخون" من ثقب صغير فتح على عجل في حائط مائل.. لم اتحمل الحرارة .. قمت أصرخ.. كعادتي..

ابي قال الرجال لا تصرخ..

ابي كان أيضا يصرخ في وجه أمي.. أمي اعتادت أن تترك وجهها بعيدا لكي لا يصرخ فيه ابي.. يسألها :أين وجهك ؟ أريد أن أصرخ فيه؟ .. تجيب: هنالك تحت الوسادة... إن أردت أن تصرخ فاصرخ بعيدا.. أنا لا رغبة لي في الصراخ هذا المساء..

يذهب ابي إلى الوسادة ويرفعها ويصرخ.. أمي تسحب الوسادة وتذهب بها إلى أقرب نقطة ماء..

أمي كانت أيضا تصرخ لكن بصمت.. الصراخ بصمت يتسبب في قرح المعدة قال طبيبها الدجال.. نامت ليلتها وربطت في ساقها ديك أسود لا بياض فيه مع حمرة قاتمة في ذيله وأطرافه.. من الغد ذبحته إمرأة بدينة وطبخته ولم تنطق بكلمة.. كان ذلك من شروط الشفاء..

كانت أمنيتي أن أصرخ في وجه الديك.. لكن المرأة الصامتة أخفت الرأس في ثقب بين فخذيها.. نادتني أمي بعد أن مات الديك: إحمل الكسكسي بضيفه إلى المسجد وتصدق به.. ففعلت وعدت إلى البيت جائعا ..! لم يكن في المسجد من هو أكثر مني فقرا..

مات الديك و لحقت به أمي.. والمرأة السمينة لا تزال تخبيء رأس الديك بين فخذيها..

في وجه من سأصرخ أنا الآن ؟

أبي ليعوضني غياب أمي إشترى لي دراجة نارية.. لا فرق.. خلعت عنها كاتم الصوت.. وحين تصمت المدينة أخرج على دراجتي النارية.. لا أحد يعيرني إهتماما رغم كل الضجيج.. فقط بعض الشتائم اسمعها من باب أو نافذة تفتح ثم تغلق بسرعة..

أريد أن أصرخ ولم أجد وجها أصرخ فيه.. حتى المرأة البدينة حين ماتت لم يعثروا في ثقبها على رأس الديك.. وهو ما قلص حظوظي في الصراخ..

انعدمت إمكانية الصراخ حين انتقلت إلى بلد غريب.. أهله لا يصرخون بتاتا.. و مع مرور الوقت.. من ابتدع هذا التعبير؟ مع مرور الوقت؟ يثير في الرغبة في الصراخ.. قلت ، مع مروري عبر الوقت نسيت رغبتي في الصراخ.. إلى أن وقعت عينا صديقتي الزرقوين على برنامج تصطدم فيه الاتجهات.. سألتني لماذا يصرخون؟ قلت: لا أدري .. ربما يبحثون على رأس الديك الأسود الذي لا يشوبه بياض مع حمرة قاتمة .. إلخ

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire