samedi 31 octobre 2009

القائمة السوداء 7

...ماذا فعلت ؟؟ لم أكن اتوقع أنك ستذهب إلى هذا الحد في إستئصال الجذور..؟؟
لم يكن يعني تماما ما يقول.. أعرفه جيدا... بل كان متواطئا مع شعور داخلي بفرح غير معلن و هو يرى الباب الذي كاد ينهار يستعيد علوه ..
كانت لدي ثقة لست أدري من أين أتت, بانني قادر على اعادته أحسن مما كان..ربما هو الاحساس بالحرية في فعل ما أريد ..
لكن لا أنكر
وقع الواقعة في نفسي حين رأيت البيت دون باب.. أضف الى ذلك فضول المارة وهم يتطلعون إلى داخل البيت..كأنهم يبحثون عن شيء ما في أعماقه ...

أذكر أن ترميم البيت
تزامن مع أول عملية زرع قلب في تونس بالمستشفى العسكري..كان حدثا وطنيا .. سألوا الطبيب الذي قام بالعملية عن أكثر فترات العملية إثارة.. أجاب دون تردد: عندما كان الجسد دون قلب !.. في إنتظار زرع القلب الجديد ..
نفس هذا الشعور انتابني وأنا أرى البيت دون باب..وربما كان ذلك
هو نفس الشعور الذي جعل مصطفى يأتي نحوي مسرعا...
قال ليس لي المال لشراء باب جديد ..قلت ولا تلك هي نيتي..
هذا الخشب قد إمتص الزمان
..يكاد من صمته أن ينطق: أنا زمان.. وأريده أن يبقى..سأنزع عنه المسامير التي أصابها الصدأ ..والمسامير التي دقت بيد مهراس فلا غاصت في الخشب ولا قامت بما يجب أن تقوم به..ثم أعيد تماسك الواحه بمسامير جديدة ..
توافقنا على هذا الأمر ..وكان الأمر كما توافقنا ..فقط أضفت بعض المسامير ذات رأس نصف كروي تستعمل عادة في رسم أشكال على الأبواب العتيقة و اضفت "دقاقتين" تقليديتين...
كاد العمل ينتهي في ظرف أسبوع لو لم يبق امامنا إعادة البلاط ..لم يكن بيننا من له دراية بهذه العملية.. أقصد دراية فعلية وليست نظرية كما كنا كلنا نتمتع بها تقريبا..
تكفل مصطفى باحضار مختص في التبليط و أوكل اليه المهمة دون أن ينسى كعادته أن يزوده
بمعرفته النظرية في الموضوع..
لا أذكر كم مرة أعاد عليه هذه الجملة :لا أريد قطرة ماء واحدة تبقى وسط الدار .. أريد الماء يسري مباشرة إلى بالوعة المياه ..
وفي كل مرة يعيد
مصطفى هذه الجملة نبتسم أول الامر ثم ننفجر بالضحك...أصله من الجريد.. .
يكتفي صاحب علم التبليط بالقول: بطبيعة الحال ..بطبيعة الحال...أعرف
شغلي جيدا..
لم تكن المساحة كبيرة جدا بحيث إنتهى صاحبنا من شغله في بدايات المساء ..رفض مصطفى لسبب سنعلمه فيما بعد أن يعطيه كامل مستحقاته ..أعطاه النصف ..أو مايزيد بقليل..
من الغد سمعت لاول مرة دقداقة الباب من الداخل .. فتحت الباب و يد الطارق لا تزال تحيط ، دون سبب واضح بالدقداقة.. ..دخل من وضع البلاط في مكانه.. سأل عن مصطفى...
فخرج إليه من المطبخ وفي يديه سطل من الماء البارد..
هل يفعلها ؟



...

vendredi 30 octobre 2009

القائمة السوداء 6


... عدت وجلست على أحدى الكراسي وكان مصطفى يجلس على حافة السرير ..ذلك كل ما يؤثث أحدى الغرفتين اللتين يتكون منهما هذا البيت بشكله الهندسي العتيق إضافة إلى مطبخ صغير فيه درج يؤدي إلى السطح..
البيت الآن خلى تماما أو يكاد من الأثاث ..انتقل مصطفى مع عائلته إلى حي سكني أكثر رفاهية وأحدث تاريخا.. ماذا نفعل بالتاريخ إن كانت الجغرافيا ست
خنقنا ؟
قبل فتح العقدة الاولى مرت ذكرى بخاطري دون سابق اعتذار..
قبل ما يزيد عن العقدين من الزمن كنا شلة من الشباب وضعنا العالم بين دفتي كتاب.. وعندما تزوج مصطفى خولة التي كانت أيضا
من الشلة, إختارا أن يسكنا في هذا البيت العتيق الذي ورثه مصطفى عن أبيه..
لم يكن البيت في حالة تسمح بالسكن أو المساكنة ..رائحة الرطوبة في كل ركن منه ..وآثار تسرب للمياه على الحيطان حتى أنه يكفي أن تمرر يدك على الحائط كي تتساقط القشرة الخارجية ويثور الغبار..ثم أن مشكلة البيت الكبرى أنه يفتقد
إلى أي شباك ينفذ إلى الخارج فقط فتحة في وسطه تفضي إلى السماء وباب قبلي.. لكن ما شجعنا على ترميمه هي الحجارة التي يتكون منها .. رصفت بعناية ..أو هكذا بدت لنا باعيننا التي تحن إلى كل ما هو عتيق وبالتالي يبدو لنا جميل..
عرض الحائط يزيد عن نصف متر، بني في زمن لم تكن فيه الحسابات و التقشف من صنف العلوم..
لم يكن هنالك ما يكفي من المال لهدم البيت وإعادة بنائه لنتخلص من عاهة الرطوبة التي اصابت أساس البيت..وأثرت على جدرانه ..كل ما كان معنا، العزيمة والكثير من المثل ..
قلنا نزيل كل ما أضيف إلى البيت في فترات لاحقة ولا تمت إلى أصله.. و فعلنا..
اصبحنا نرى البيت عاريا كما ولده البناؤون القدامى..وانطلقنا...
كنا نعمل بكل جهد يمن به علينا ايماننا ... كانت فرصة واقعية لنطبق فيها
مثلنا وتصوراتنا في الهندسة والفن و نظريات أخرى لم أعد أذكرها تفرق بين الانسجام و التناسق في الألوان والبشر..كنا نريد بيتا جديدا يترجم ثورية افكارنا مع المحافظة على شكله الهندسي.. ربما تخيلنا أننا بصدد إعادة بناء البلاد برمتها ..
قام مصطفى بعزل الحائط الشرقي الذي اصابته الرطوبة أكثر من غيره بعازل من البلاستيك ..رخيص الثمن وفعال ..ثم أسدل على الحيطان أقمشة تونسية عتيقة ..
بعضنا قام بفتوحات، ليست كالتي قام بها المسلمون الأوائل،لكن مجرد نوافذ صغيرة في الغرف تفضي إلى وسط الدار لاحداث تيار هوائي لانعاش الهواء ..
واخترت أنا باب الدار لبعث الروح فيه من جديد..قمت بازالة الطلاء على الحجارة العتيقة المحيطة بالباب وأتساءل دائما أي ذوق هذا الذي يفضل الالوان الاصطناعية على الألوان الطبيعية ؟
ثم اعدت الحجارة إلى وضعها المستقيم..
عندما خلعت الباب عن مكانه أتى مصطفى من اقصى البيت يجري.. !


كيف العادة يتبع

mercredi 28 octobre 2009

القائمة السوداء5

العلاقات الانسانية كما أتصورها لا يجب أن تنبني على القواسم الفكرية فقط..وإلا يجد المرء ذاته منعزلا عن العالم يعيش داخل دائرة ضيقة من الأصدقاء الذين يتقاسمون فيما بينهم جملة من الأفكار ..
الحياة أرحب من الأديولوجية يا صديقي..
قلت: لم أقل عكس هذا..وهممت بمواصلة حديثي ..فقاطعني .. الحياة ليست تلك التي في ذهنك بل هي هنا ! وجال بنظره في الغرفة .. هي سائق التاكسي ، هي عشيقته التي تزن طنين ، هي صوت فيروز ، هي هذه القارورة التي سوف نفتحها بعض قليل ..هي كل هذا ..وأن اكتفي منها بجزء واغمض عيني عن باقيها فقد ظلمتها وظلمت نفسي..
قلت دون أفرك أصابعي..لو أن ما تدعيه صحيحا لتركته يدخل عشيقته إلى بيتك..أن تمنعه فذلك يعني أنك وضعت حدا فاصلا ليس بينك و بينه بل بين ما تعتقد فيه و بين التنزالات التي تجيزها دون أن تسميها ..وهذا عين الانفصام ..
قال:الانفصام هو عندما يعيش الواحد منا منعزلا عن الآخر داخل دائرته .. . لا يوجد دوائر متطابقة تماما..هذا من نسيج الكتب و وهم القراءة ..بل قد تتقاطع الدوائر مع بعضها البعض فتخلق مساحات جديدة ..نشترك فيها في صياغة فكرة ، اقتسام كأس ملئت إلى نصفين، سؤال الجار عن حاله..تطريق ذكريات الغد..هذه هي الحياة ..دوائر متد
اخلة دون أن تتطابق ..
الاصل في الحياة أن نتمتع بكل لحظة فيها وليس أن نبني بيننا و بينها حواجز باسم الايديولوجية والصراع الطبقي في غواتيمالا..
غواتيمالا؟..
لم أجبه..قمت وذهبت إلى المطبخ ثم عدت بحلال العقد ..وكأسين !

يتبع دون متابعة

القرباجي :عمل فني جديد





أردت أن أقول من منا لا يعرف القرباجي .. بائع المياه أو بالاحرى موزعها.. على أحياء المدينة قبل أن تسري الأنابيب في أحشائها ..لكن اكتشفت أن الكثير لا يعرفه...
هذه الشخصية صغتها من خلال 21 مفتاحا وقفلين..وفكرة ..
.




mardi 27 octobre 2009

.القائمة السوداء 4

قال من؟
قلت :عجبا ..صديقك "طهورة" الذي كان منذ لحظات هنا..
قال :آه .. طهورة...تصور..! يريد أن يعيد الكرة.. و يدخل عشيقته إلى هنا ..عشيقته مطلقة وتسكن في أحدى أزقة الحومة ..هناك خلف المسجد.. فاتني أن أسأله كيف تمكنت في المرة الفارطة من الدخول عبر هذا الباب..تزن ،صدقني دون مبالغة ، طنين...! ابتسمت لعدم المبالغة..
وماذا قلت ؟.. رفضت طبعا..حاولت إقناعه أنه ليس من مصلحته أن يجعل من هذا البيت مكانا يختلي فيه بعشيقته ... شرفة بيته تبعد أقل من مئة متر..تلك التي تقع فوق المقهى...وابنه يلعب دائما هناك..تصور ي
لمح أبوه داخلا مع إمرأة غريبة تزن الطنين إلى داري ..سينقل الخبر فورا إلى أمه...و يمكنك أن تتكهن بالبقية إن كنت من محبي الأفلام المصرية...الأحمق، يكرر لي دائما أن لا أحد في الحومة له علم...الكل يعرف ما يحدث والكل يتصنع عدم المعرفة..."طهورة" ذاته يعلم أنهم يعلمون لكنه يريد أن يقنع نفسه بانهم لا يعلمون شيئا..هكذا ارتح للضمير..
هكذا هو الانسان يفضل دائما الكذب الحلو على الحقيقة المرة..

صراحة أنا لا أفهم كيف يمكنك أن تتواصل مع هذا الشيء .. قال :أي شيء؟
قلت: سائق التاكسي..من هيئته تبين لي أنه لا يمكن أن يكون شيئا آخر غير الذي قلت...
ما يشدني إلى "طهورة" أنه عفوي في تفكيره..يتبع نزواته بكل سذاجة كهل في الأربعين يعيش مراهقة متأخرة..
نسبيا متأخرة... لا يفرق بين الحب والشهوة.. يقدر أم أولاده ويشتهي جميع النساء المطلقات...وعندما أضحك من تناقضاته فانني أضحك بصدق تماما كما يتحدث هو بصدق ... يقول: أن المطلقات هن نساء تحررن من عقدة الرجل الشرقي ..ألاحظ ذلك جيدا في الفراش..

أصر مصطفى على اقناعي بوجهة نظره قائلا: ليس لي و ليس من حقي أن أحاكمه ..فأنا لا أملك الحقيقة..وحدهم الذين يدعون إمتلاك الحقيقة يصدرون الأحكام على من خالف نصوصهم ...
..بدا لي رأيه مقنعا.. لكنني سرعان ما أمسكت باطراف فكرتي كمن يخاف السقوط ..وقلت له أنه بمسايرة حياة الآخرين يخسر حياته ذاتها..
إلتفت لي وفرك يديه وهي حركة تعودت عليها منه تدل على أنه أخذ الأمر بجدية أكثر وقال
..

القائمة السوداء 3

تصور ماذا يريد...تصور..!
وإتجه مباشرة ليعيد الابرة فوق صوت فيروز ..في حركة عفوية مني ،إلى الآن لا أعرف كيف قمت بها ..منعته من ذلك.. قلت له أن رائحة جوارب سائق التاكسي لا تزال تملأ الغرفة ولا يمكنني من حيث المبدأ أن استمع إلى صوت فيروز في مثل هذا الجو...
قال مصطفى رائحة جوارب؟ لا أشم أي رائحة.. ثم أنك فاقد لحاسة الشم منذ زمان كبقية أفراد عائلتك..فعن أي رائحة تتحدث.. ؟؟و كان كلامه صحيحا..
كل أفراد عائلتي فقدوا هذه الحاسة شيئا فشيئا مع مرور الوقت... نتخلى عن حاسة الشم لانه لا شيء يدعو لذلك في هذه البلاد ..كل الروائح تزكم الأنوف ..حتى رائحة المال..
لقد أخطأ "فسبسيان" عندما أجاب ابنه بان أموال الضريبة التي يريد اقرارها على إستعمال المراحيض العمومية ليست لها رائحة ... كل شيء له رائحة وإن خفيت..
من باب المزح كنت أقول أن فقدان هذه الحاسة هي عملية لا شعورية يقوم بها الجسم في إطار منظومته الدفاعية..كالنسيان مثلا ..ننسى لكي لا ننفجر..
الحقيقة انني لا
أمزح كثيرا فيما أقول, فهنالك الكثير من الحالات يفقد المرء فيها القدرة على الرؤية دون أي سبب عضوي ..انها فقط الرغبة في عدم رؤية الأشياء التي لا نريد أن نراها .. كرجل غريب فوق السرير مع الزوجة..أو تحته لا يهم.. .إمرأة ليست غريبة تماما تعانق الزوج وتقول له أشياء في فمه... مباغتة الجار الأرمل وهو يمارس عادة قديمة... كل هذه المواقف المثيرة قد تؤدي بنا إلى العمى ..لكن لست أدري لماذا تبقى رؤية الخيانة الزوجية فوق مساحة بيضاء, مربعة الشكل من أكثر الأشياء التي ترسخ في الذهن ولا يمكن محوها ..ربما لذلك نحاول طريقة العمى..
الخيانة تبدأ وتنتهي في الذهن.. وما زاد عن ذلك فمن قبيل الاخراج المسرحي..لا غير..
مصطفى يضع الأبرة مرة أخرى بكل عناية ويحاول أن لا يخدش صوت فيروز
ثم يلتفت لي ويقول تلك الرائحة التي شممتها ليست رائحة، بل إعتقاد ..
الانسان يعتقد فيما يريد أن يعتقد فيه!
إلتفت إليه وكلي
لهفة للمعرفة....ماذا كان يريد صاحبك ؟

lundi 26 octobre 2009

القائمة السوداء 2

لا أعلم بالضبط السبب بالتحديد الذي جعل مناعتي التي اكتسبتها من خبراتي السابقة , تنهار لما رأيت طهورة سائق التاكسي ..
من حسن حظ فيروز أنها انهت أغنيتها قبل أن يدخل.. تلقى دعوة بالجلوس فابي...لا يمكنني الجلوس علي الذهاب ..هنالك من ينتظرني داخل التاكسي..
ظل واقفا فوق حذائه..وثقب بارز في أحدى الجوارب من جهة ال
كعب المائل قليلا إلى الخارج.... مقدمة الحذاء مخروطية الشكل تصعد إلى الأعلى في النهاية.. أتخيل شكل أصابع قدميه وسط هذا الحذاء الذي يبدو أنه موضة تلك السنة..أقصد الشكل..
الشكل يأتي دائما من الغرب..أما إغراق السوق فتتكفل به الصين...اتمنى أن يسألني شخص عن رأيى في الموضة.. سأجيبه دون أي تردد,
الموضة هي أن يتخلى الفرد عن ذوقه الخاص لفائدة صاحب رأس المال والشركات المتعددة السرقات ...
غريب أمر الأنسان! أنه كائن غريب فعلا.. يخلق الشيء بملء ارادته ثم يصبح يتأوه تحت وطأته.. حذاء ضيق، سروال يعيق الحركة، أقمشة نتنة صنعت من مخلفات البترول ..
كل هذا من منتجات الفكر.. يرزح الأنسان تحت وطأة فكره ..كمن صنع صنما وعبده أو كتب كتابا وأعتقد فيه...ابتسمت لفكرة أن الأنسان يرسم دائرة من حوله على التراب ثم يعجز أن يتخطاها ..
كل هذه الأفكار جالت بخاطري وسائق التاكسي لا يزال يتبادل حديثا خافتا مع مصطفى... ثم سحب صاحبي من يده وخرج به إلى بهو الدار..لما إستدار تبين لي كم أن بطنه تفوت حاجته العضوية..وكأنها اضيفت إلى جسده في مرحلة متأخرة ..الجلوس الدائم خلف المقود و الاستجابة الآلية لحركة الأضواء والضغط المستمر..على زر العداد ..كلها تؤدي,حسب اعتقادي، إلى هذه الكتلة الموزعة بشكل غير عادل و الواقفة على
كعبين مهترئين ومائلين قليلا إلى الخارج..
فجأة سمعت الباب ينغلق..ثم عاد مصطفى إلى الغرفة ..تصور ماذا يريد... تصور
...

dimanche 25 octobre 2009

القائمة السوداء

كنا نستمع إلى آخر مقطع من أغنية فيروز حين طرق الباب ..قام صديقي لفتحه ومكثت استمع ماذا تقول لي فيروز..لي وحدي...لو تركت المكان لصمتت ..هل يمكن أن تغني فيروز و لا أحد يسمعها ؟؟
قالت لي في آخر كلامها

متل السهم الراجع من سفر الزمان
قطعت الشوارع ما ضحكلي انسان
كل صحابي كبروا واتغير اللي كان
صاروا المر الماضي وصاروا دهب النسيان

ياورق الاصفر عم نكبر عم نكبر
الطرقات البيوت عم تكبر عم تكبر
بتخلص الدني ومافي غيرك يا وطني
ياوطني يا وطني
بتضللك طفل صغير...

..عندما تحدثني فيروز أشعر انني طفل صغير ...

في توافق توقيتي غريب دخل صديقي مع ضيفه تماما عندما ارتفعت الأبرة عن الاسطوانة ..يصير صوت فيروز احلى حين تنقش الابرة نبرة صوتها على الأسطوانة في شكل دائري..لا متناهي..الآلات الحديثة لا تعجبني ..
تبهرني للحظة.. ..لحظة واحدة، كفتاة عصرية ثم سرعان ما تفقد افتقادي لها ..

قال السلام..فأعدت عليه ما قال...تدخل مصطفى صاحب البيت في هذه اللحظة وقال :أقدم لك طهورة، ولد الحومة وصاحب تاكسي 69 ..يوقفها دائما في رأس النهج ..
أن يقدم لي صديقه فهذا أمر معقول بل ومقبول أيضا... أما أن يقدم لي عربته ورقمها و أين تحط الرحال بعد أن تجوب المدينة من اقصاها إلى اقصاها ..فهذا أمر استغربه ..
الحقيقة لا استغربه كثيرا ...عندما نعجز عن فهم كل
ما يحيط بنا من امور تبدو لنا غير معقولة ننتهي في أخر المطاف بقبولها و إستيعابها دون أي تحفظ.. بل نحاول أحيانا أن نبررها هكذا..بكل بساطة ..و ما المانع؟.. البعض يطلق على هذه الحالة إسم المساكنة السلمية ..أي بلغة أكثر بساطة أن يتساكن المعقول واللامعقول, الشيء وضده جنبا إلى جنب دون صراع أو جدل أو حتى شعور بالذنب..
يكفي أن تفتح
الجريدة... صفحة أخبار المهرجانات تعانق صفحة صور لجثث سحبت من انفاق غزة ..في الصفحة الموالية للحكومة.. نشاطها، يقابلها تماما صفحة صدى البحار ..شباب ترك أحلامه في قاع البحر و لفظته الأمواج زبدا على رمالها.. كل الأشياء تساكن اضدادها في سلام وهدوء ... حتى الصفحة الأخيرة تجد ركن حظك اليوم إلى جانب ركن البقاء لله ..
ما الغريب في ذلك؟

تبهرني هذه القدرة العجيبة للحبر حين يحافظ على هدوء سواده فوق بياض الصفحة دون أن يتحول إلى رماد ..

ربما ذلك الذي أوحى إلى بفكرة, لن أبوح بها, جعلتني أشعر براحة نفسية مهما اختلفت وتناقضت صور الحياة..ضجيج أطفال يمرحون.. و رؤوس خرفان شوهت بالنار وعلقت عند باب جزار ..لم يعد يثيرني ذلك...معلم أثري عتيق
طلي بمادة السورفاسار..لا يهم..ابتسم و أمر من تحته.. لا شيء قادر الآن على إثارة مشاعري ..وأشعر براحة داخلية لن أفشي بسرها لاحد... أصبحت لدي مناعة قوية تجاه حالة اللاانسجام الفطري التي تصيب المجتمعات الطفيلية..
إنهارت
هذه المناعة فجأة لما إختلط في ذهني حضور سائق التاكسي بصوت فيروز..



عادة يتبع في العادة

samedi 24 octobre 2009

قصص واقعية 4 (الأخيرة) : عبد الرحيم

قبل أن ينفث من جديد كرة الدخان، إلتفت إلى صديقي ابحث في ملامح وجه عن تفسير ..يصعب أحيانا استيعاب كامل الصورة .. يرتبك العقل كلما اختلفت الصورة مع الأصل..العقل في حاجة دائمة لنقاط إرتكاز ..كل الأفكار التي نحملها رصفت كالحجارة ..كل حجرة تمسك بحجرتين ..ما قبل الفكرة وما بعدها..يكفي أن نسحب حجرة واحدة لينهار كامل البناء ..أو يحدث ثقب في الذاكرة ...كلام عبد الرحيم كان بمثابة الثقب الكبير الذي أصاب الفكرة التي أحملها عن غير وعي ربما, عن الأطباء ..
لم أجد في وجه صديقي أي تفسير ..فقط إبتسامة خلف المبسم أعرفها جيدا..إبتسامة متآمرة معي ضدي.. تعدني بالمزيد..يعرف جيدا انني أمقت هذه اللغة-الجثة ! لغة هامدة لا حراك فيها سوى طنين الذباب ...
ثم ما لبث أن أرسل إليه صديقي بسؤال في شكل قنبلة يدوية علمت فيما بعد أنها دون صمام أمان : كيف كان يومك ؟ وكان يعلم مسبقا ما ينتظره من جواب ..
لم استقبل اليوم الكثير من المرضى..ثم أن معظمهم يريدون فقط شهادة طبية ليستظهروا بها ..احدهم يريد أن يمدد في عطلته السنوية..كتبت له راحة باسبوعين لكن اشترط عليه أن يدفع كامل الاجرة.. عادة أبيع راحة ثلاثة أيام بسبعة دنانير..طبعا لا بد لي من تسديد ثمن السيارة و طلبات الدار لا تنتهي..يقصد بالدار زوجته..معظم التونسين ينادون زوجاتهم بهذا الاسم..! لما لا؟ مادام الانسان من تراب و البيت من تراب..وكلنا تراب ...
إبتسامة صديقي الخبير في الحسابات تزداد اتساعا ومكرا...وأنا لا أصدق
كل ما أسمع ..
قهوتي سرى فيها برد الخريف وفقدت طعمها الذي يعجبني ، حلاوة المرارة !
الم تنفجر القنبلة اليدوية بعد؟ الثواني السبع مرت.. استرسل عبد الرحيم في حديثه ..
من حسن الحظ انني استقبلت بعد الظهر حريفة، هكذا كان يسمي مرضاه، جمال غير طبيعي ..تشكي من وجع في الصدر ..طلبت منها أن تكشف عنه لاكشف عنها .. مررت السماعة على ظهرها أولا ثم على صدرها..دقات قلبها تزداد كلما لامست ثديها .. انفجرت القنبلة...
غرقا الأثنان في الضحك..هممت بالوقوف.. أمسك بي صديقي من يدي، لحظة،سنذهب جميعا..الشيشة انتهت تقريبا..
عدت إلى مكاني وبدأت أشعر بضيق في التنفس..لست أدري سببه بالضبط، رائحة الدخان أم حديث الطبيب ..أم وجودي أصلا في هذه البلاد...
..لو تعلم زوجتك ماذا تفعل في العيادة..؟ سؤال في شكل شضية طائشة..
لا اتحدث معها في أمور الشغل..فقط أمور البيت ..وفي جميع الأحوال منذ أسبوع لا نتبادل الكلام..غاضبة ..تريد سيارة أكثر فخامة ..مرسديس مثلا ..مالها الغولف؟ أليست بسيارة جيدة؟.. النساء وجع رأس دائم..ومع ذلك جامعتها البارحة..أبت في الاول ثم استسلمت..جامعتها من الخلف كي لا أرى وجهها.. لا احتمل رؤيتها وهي تتأوه..عندما أجامعها من الأمام أضع على وجهها وسادة..
كطبيب، ما يهمني من كامل البدن،
هو العضو الذي يشتكي .. وغرقوا من جديد في الضحك.. ثم لفوا خراطيم الشيشة حولها كالافعى ونهضوا....إلا أنا



يتبع في المقاهي و في أزقة المدينة
.

vendredi 23 octobre 2009

قصص واقعية 3: عبد الرحيم

..بدت العلاقة بين الأثنين أكثر بساطة مما توقعت..علاقة بين طبيب وخبير في الحسابات لدى المحاكم ... كنت انتظر أن يناديه بسي عبد الرحيم أو على الاقل سي رحيم.. تجاوزا للثقل ..بعض الأسماء عير قابلة عضويا أن تضاف إليها كلمة سي..
تدخل "سي" على الاسم فترفعه وتنصب كل ما سبق..كان من الأجدر أن نضيفها إلى أخوات كان ..الأخت الصغرى على الاقل..لا يهم..
دون أن نعي تمارس "سي" عبئا معنويا .. فجأة ينقلب عبد الواسط إلى سي عبد الواسط ..و رزوقة إلى سي عبد الرزاق ... كيف يتم هذا الانقلاب المفاجىء ؟ هل هو الحصول على شهادة.. تلك الورقة!....نعيش في عالم من الورق ..حتى الأوراق النقدية هي أوراق غير قابلة للنقد أو التشكيك ..تماما كشهادة الميلاد والوفاة و عقد الزواج وعقد البيع و عقد الكراء..والصكوك بالرصيد أو بدونه..كلها أوراق نضمنها قيمة ما.. فتصبح سارية المفعول بموجب قانون نجهله ونقبله..

لكن العلاقة بين عبد الرحيم، الطبيب و صديقي، الخبير كانت أقل بروتوكلات مما أعتقدت.. طغت عليها غرغرة قارورة الشيشة وتبادل لحديث عادي خلته، من بساطته، مدخلا لمواضيع أكثر عمقا تنتظر أن تسري النار وتتمكن من قبة الاسفلت الأسود..
فجأة إلتفت لي عبد الرحيم وسألني :تعيش خارج البلاد أنت؟ باغتني بسؤاله لكن تعمدت استفزاز شهادته..
قلت :لا ! أعيش داخل البلاد خارج حدود الوطن !
لم يجب سوى كرة من دخان اطلقها من فمه فى الهواء ..وإلتفت إلى صديقي وقال : نساء الشمال لا يبحثن إلا عن ذلك ..ما يملأ الفراغ ..لا يشبعن أبدا.. ثم وضع مبسم الخرطوم في فمه وسحب نفسا طويلا..

.
يتبع فلا تتبعني

jeudi 22 octobre 2009

قصص واقعية 2: عبد الرحيم

الوقت مساء ،كنت اشرب قهوة سريعة مع صديق لم أره منذ فترة طويلة..
الصديق كان يستنشق، على جرعات، كمية من الهواء تمر عبر خرطوم طويل حاملة معها رحيق التبغ الأسود ..لو لا معرفتي بهذه الآلة لقلت أنه يدخن الاسفلت..بعد كل عملية إستنشاق ينفث في شكل زفير، كرة من الدخان ثم يصدر حمحمة قصيرة... لعلها من الطقوس ..
وأنا أتابع هذه العملية بكل عبثية كلما تكررت ، رأيت يدا تمتد وصوتا يقول السلام ..مددت يدي دون أرفع رأسي ..ثم ما لبث أن ذهب الصوت يبحث عن كرسي ويطلب أيضا شيشة .. سألت صديقي من يكون؟قال ولد الحومة !هل نسيته؟
تظاهرت انني تذكرته وإنتظرت حتى يعود بكرسيه ..جلس أمامي ووضع رزمة من المفاتيح على الطاولة ..كأنه تعمد أن يجعل مفتاح السيارة من فوق..
كان ذلك شرطا ..أما جواب الشرط فأتى في شكل سؤال من صديقي :هل هذه هي مفاتيح السيارة الجديدة؟ قال نعم وابتسم إبتسامة المنتصر بالله الحفصي..
هذا الوجه أعرفه ..وهذه الطريقة في نطق الحروف بشكل متلعثم أعرفها ..هنالك شيء ما يبقى ملازم لنا مها غيرتنا السنون ..
لم يدم تخميني كثيرا .إنه أبن إمام ومؤذن مسجد الحومة الحاج التهامي ..
من لا يعرف الحاج التهامي؟..حتى القطط تعرفه من صوته الذي ينفجر فجأة فجرا عبر مكبر الصوت مذكرا بان الصلاة خير من النوم..فتخرج القطط مهرولة مذعورة من أماكن وليمتها.. ويختتم المشهد بقرقعة غطاء وعاء الزبالة الذي يرتطم بجدار المسجد ..ثم يعود السكون من جديد..
إنه الأبن الأوسط في عائلة لم ار منها يوما أختا أو أما كأنها صنعت من ذكور ..حمسة أولاد يصر الأب على أن يصطحبوه إلى المسجد في جميع أوقات الصلاة ..أذكر أنه كان يشارك أحيانا أولاد الحومة شقاوتهم لكن يرتعد من فكرة أن يراه الحاج..
ولان الحاج،الامام، المؤذن، يعلم ما ظهر وما بطن من أمور الحومة، وجد عبد الرحيم نفسه في السنة الدراسية الموالية مسجلا في
معهد بعيد نسبيا عن العاصمة كمقيم , لا يفارق المعهد إلا في أيام العطل..
تسعة سنوات قضاها في
ذلك المعهد منعزلا عن العالم ..يدرس أو يرتاد مسجد المبيت أو حينما يضيق به جسده، يمارس العادة السريالية ..
بعد إخفاق أول في إمتحان الباكالوريا ،إرتوى أولاد الحومة بمشروبات المؤدب الغازية إحتفاءا بنجاجه في دورة التدارك ..سألوه عن الاختصاص الذي يريد دراسته قال دون تردد: طبيب نساء !
غبت أنا عن الحومة سنوات طوال وغاب هو من ذهني سنوات أطول ..إلى أن جمعني به هذا اللقاء الذي سيكشف لي أمورا كنت اجهلها بل لا تخطر بذهن عاقل جعلتني استعجل نهاية اللقاء .... يتبع


ملاحظة ؛ كل الوقائع واقعية إلا ما يقتضيه الأدب من كذب

mercredi 21 octobre 2009

قصص واقعية 1: عطار الحومة


جاوز الأربعين بقليل ..وفقد أربعة من أضراسه ال
جانبية ..يكفي أن يضحك ضحكته التي تشبه رنين النقود المعدنية لترى خراب السنين..هل يقبل زوجته بهذا الفيه بما فيه؟..
يبتسم دائما لحريفاته..وحريفاته يقبلن هذه الابتسامة على مضض وكيس من المواد الغذائية دون مضض .. وينصرفن أحيانا ..
يسدل في حركة سريعة ستار المحل، الذي لا يزيد عن الاربعة أمتار مربعة و يشغل ركن صغير من أركان الحومة..
تحاذيه المخبزة العتيقة وخلفها مباشرة يوجد مسجد ذو صومعة ..
مثل هذه الحركات السريعة لا تمر دون أن يلتقطها رادار الجار ..اوشوا به إلى زوجته ..زوجته التي تقبله من فيه بما فيه..
هل يمر الحب في أقبية الخراب؟..
خيرته بين الطلاق أو هجرانه في المضاجع.. ..فخير الهجران.. فراش صمم لرجل وإمرأة وثالثهما الشيطان.. بهجران الزوجة بقي الشيطان..يحدث الشيطان عن مشاريعه قبل أن ينام... و الشيطان
يفعل بالمثل..
مرت أربعون يوما وأبت الزوجة أن تعود إلى ذلك الفيه..وأصر هو (إصرار كاذب) على ممارسة حقه الزوجي .. لا فائدة ترجى من النساء دون حب..
تكاثفت طبقة الغبار في الجهة التي كانت تنام فيها زوجته..و الغبار أرض خصبة لبناء شبكات العنكبوت..شبكة مثمنة الأضلاع ربطت زاوية الغرفة بالفانوس الذي لم يشتغل منذ ما يزيد عن أربعة اسابيع..وشبكة أخرى رمت أطرافها بين قائمة الفراش والوسادة ..هذه الشبكة سرعان ما تمزقت أوصالها بعد أن سحب يوما الوسادة بغبارها الذي عليها وعانقها ليملأ فراغا ما... لم يشعر بالفرق..
للامانة أقول أن هنالك شبكة ثالثة لم تكتمل بعد..لكن العنكبوت بدأ برسم خطوطها الكبرى..
مررت منذ أسبوع أمام المحل .لم أجده.. وجدت زوجته المحجبة شغلت مكانه ..تجاهلت تجاهلها لي..هل لديكم جافال؟
لم تبارح مكانها ومدت يدها إلى الرف البعيد عنها نصف متر وسحبت قارورة و وضعتها على ما يشبه الكنتوار.. يدها ملئت باسلاك من الذهب..فرادى وجماعات.. في كل حركة من يدها تعزف النواقيس..وعيناها تق
ولان أكثر مما تقوله النواقيس



mardi 20 octobre 2009

كيف يمكن أن يكون الاب ديكتاتوريا وسط العائلة وديمقراطيا أمام صندوق الاقتراع ؟


لست أدري إلى متى نصر على الأستمناء السياسي ..
مرة كل 5 سنوات نتذكر اننا مواطنون ونتذكر أن لنا حق التصويت .. تنطلي علينا الحيلة التي صنعناها بانفسنا، أن هنالك ناخب ومنتخب.. وصناديق إختراع للاقتراع..
ماذا فعلنا لنستحق هذه الحياة السياسية المتطورة؟ كيف يمكن أن يكون الاب ديكتاتوريا وسط العائلة وديمقراطيا أمام صندوق الاقتراع ؟ كيف يمكن للمرأة المقموعة في فكرها منذ قرون أن تمارس حقها في الانتخاب الحر؟ كيف يمكن للابناء الذين لم يسمع لهم رأي يوما أن يدلوا باصواتهم ؟
ليست الديمقراطية جملة من النصوص القانونية ولا هي إرادة سياسية عليا يقع فرضها ..
الديمقراطية هي قبل كل شيء أسلوب تفكير و رؤية للحياة لم تأت من فراغ.وهي نتاج لصراعات فكرية وغير فكرية طويلة دامت قرونا خاضتها الشعوب من أجل الوصول إلى حق التصويت !..
الديمقراطية لا يمكن استيرادها في شكل علب أو حبوب أو نصوص.. لانه يمكن أن نستورد كل شيء إلا التفكير !
نحن نريد أن نقطف ثمار شجرة لم نزرعها يوما! و كثيرا ما نخلط بين السفرجل والتفاح !
وعلى إمتداد التاريخ لم نعش يوما في نظام ديمقراطي ..ابحثوا في كتب التاريخ ! من الحجاج إبن يوسف إلى صالح بن يوسف !
لماذا ننتظر اليوم أن تكون الانتخابات نزيهة وحرة؟؟
أن تكذب علينا التلفزة فذلك من دورها أما أن نكذب على أنفسنا ونصدق ذلك، فهذا ليس من دور الانسان الب
احث عن الديمقراطية..


سؤال أخير:هل يمكن لجنرال أن يقوم بانقلاب في فرنسا أو ألمانيا أو بريطانيا ويبقى في السلطة أكثر من 24 ساعة ؟ وليس 24 سنة ؟

lundi 19 octobre 2009

أخبرني كيف صار الوطن




صار به سكان جدد لم أرهم من قبل ..لم يعرفوني ..كنت مختبئا وراء تجاعيد وجهي..
يا صديقي ،ماذا أقول لك..لقد وضعوا أيديهم على مقبض الباب، و على ستائر الشباك، وذبحوا قطة البيت الوحيدة..
طردوا الذاكرة من أزقة الحارة القديمة ..واشعلوا النيران في أشجار الزيتون و وجوههم يعلوها سواد الفحم النيء .. كل الذكريات الجميلة أصبحت وقودا للنسيان..
حتى عباد الشمس لم يعرفني و إستدار يبحث عن نجم بعيد .. وأديم الأرض من تحت أقدامي تغير لونه.. و شكى لي الجفاف رغم هطول المطر ..
يا صديقي، كل أصدقائنا كبروا أو هرموا ،هاجروا أو تركوا البلاد، خانوا أو ارتدوا..عطشوا أو صاموا.. إلا الوطن بقي طفلا بريئا يلهو في أزقة الروح العتيقة ..
ههنا تونس البساطة ..وهنا روائح الغلال البريئة..وعند المنعطف تلتقي ببسمة "عم لمين" بائع الحلوى .. و هناك في المنحدر تسابق مركبتك الخشبية المصنوعة على عجل، الريح..
يا صديقي أين الذهاب ؟ وكل بلاد العالم ملئت بافكارها وأحزانها ؟

dimanche 18 octobre 2009

ماناج





Photo:ART.ticuler

samedi 17 octobre 2009

العودة من الثقافي إلى الطبيعي : حركة المرور في تونس نموذجا

الانسان متغطي برداء رهيف اسمو الثقافة ،ومقارنة بتاريخ وجوده ،الرداء هذا ما يفوتش سمكو (خشنو) بعض المليمترات ..
رهافة هذا الغشاء الثقافي يجعلو عرضة للتمزق في أي لحظة يتعرض فيها لاهتزاز عنيف..كيما وقت الأزمات الأقتصادية والأجتماعية وإلا في أوقات الحروب والانتفاضات الشعبية ..وتشترك كل هذه الحالات في حاجة هامة جدا إلي هي غياب السلطة، جميع أنواع السلطة: السياسية، الاجتماعية الاخلاقية، الأبوية..إلخ..
غياب السلطة يخرج الانسان من حالة الانسان-الثقافي إلى حالة الانسان-الطبيعي إلي يخضع فيها للغرائز متاعو .
وعندنا برشة أمثلة نلقاو فيها الانسان،في ظل غياب السلطة ، كيفاش رجع بسرعة غريبة إلى حالة إنعدام كلي للجانب الثقافي ..نتذكرو بكلنا شنوا صار في الحرب العالمية الثانية، أو في البوسنة ، في الجزائر ، في رواندا إلي أبيد فيها ما يقارب المليون من البشر في ظرف اسبوعين !! و كل هذا صار موش في غابر الأيام،.. لا ! ..البارح في الايام وفي قلب الحضارة الاوروبية (إن كان لنا أن نسميها كذلك) ..وينجم يقع في أي مكان من العالم تغيب فيه السلطة بمفهومها الثقافي ...
هذي في الحقيقة مقدمة باش نحضر بها موضوع عشتو وتابعتو في تونس إلي هو موضوع حركة المرور إلي تعبر أحسن تعبير على غياب السلطة ..
نلقاو في التقاطعات الكبرى شرطي ينظم حركة المرور وهو يمثل السلطة التنفيذية لكن لاستحالة وضع شرطي في كل الأماكن وقع وضع إشارات المرور إلي لا تعدو أن تكون إلا تذكير بوجود قانون أي سلطة.
الاشارات لا تملك تلك السلطة الفعلية التي يمارسها الشرطي لذلك يقع تجاهلها، كما أنها لا تمارس على السائق أي سلطة معنوية كيما القاعدة الاخلاقية مثلا.. في ظل هذه المعطيات أصبح هنالك مجتمع يتكون من أفراد: سائقي العربات و هو مجتمع طبقي زادة: إلي عندو هامر ،وإلي عندو خردة ،وإلي عندو موبيلات زرقة ..إلخ.. والمجتمع هذا يعيش في ظل غياب يكاد يكون كلي لسلطة القانون / الثقافي وعندما يغيب الثقافي يبرز للوجود الجانب الطبيعي في الأنسان أي الجانب الغير مصقول، المخشرف، المتوحش..
وأفراد المجتمع هذا يسميو بعضهم باسامي تنتمي إلى المجتمع الحيواني :
"حل عينيك يا بهيم .."
يا بغل شكون عطاك البيرمي؟.."
يا حيوان، ماو شعل الكليناتور ..ادور هكاكة ..؟؟ " إلخ...
نلاحظو بسهولة تامة كيفاش حركة المرور في تونس (وفي غيرها من دول مازال الثقافي فيها ملقاش بلاصتو ) تنتمي إلى حركة مرور اندفاعية بدائية ..تماما كيما نشوفو في الأفلام الوثائقية على الحيوانات ،عندما تهم قطعان بقر الوحش مثلا أو الحمار الوحشي بعبور النهر (مانيش نسب أما نوصف في حالة الخروج من الثقافي إلى الطبيعي)
في مثل هذه الحالات تتجمع أعداد غفيرة من الحيوانات وتحت ضغط العدد يقع دفع الحيوانات القريبة من الضفة والضعيفة في النهر باش تكون لقمة ساهلة للتماسيح إلي تستناهم كل عام و في نفس المكان ..وتندفع بقية القطيع إلى النهر بناء على قاعدة تقول : أهرب بجلدك.مادام التمساح ياكل في خوك !!!
خلاصة القول :الانسان عموما ما ينجمش يعيش من غير سلطة ( في مفهومها الثقافي ) و الحضارة ليست إلا إتفاق جماعي على ضرورة وجود هذه السلطة، حدودها ، ومن يمثلها .. واللاحضارة هو العكس تماما ،أي حركة المرور في تونس

jeudi 15 octobre 2009

تونس كما رأيتها








mercredi 14 octobre 2009

صدرية النجاة تحت المقعد



تقلع بنا الطائرة...تتمايل تحت ثقل الذكريات الغضة ثم تميل في إتجاه الشمال ..
تبهرني الطائرة دائما ..ليس كوسيلة نقل بل كنتيجة عقل..
..نقترب من الشمس نصافحها وننظر إلى الأسفل فاذا العالم أصغر مما نعتقد ....

خصام الجار مع جاره، صور الرئيس ، نعت التلميذ بالغبي، مخالفة الشرط
ي لقواعد المرور ، إنهيار موعد على خشبة المسرح، خيانة القضاء للقدر ، عجوز تسأل عن معنى الانتخابات خارج الصندوق ، حرمة الجثث التي تسير على قارعة الطريق..

وأنت على متن الطائرة، ليس الجسد وحده من يفلت من الجاذبية ..بل الحلم أيضا..
كل شيء يقترن بالافق يفقد طعمه المر...



تستعد الطائرة للنزول ..أجمع أفكاري على عجل في حقيبتي اليدوية..وأدس ما زاد عن حاجتي تحت المقعد ..ثم اسحب قلمي واكتب على ظهر المقعد الذي أمامي : صدرية النجاة تحت المقعد

Photo: ART.ticuler

mercredi 7 octobre 2009

لا شيء يعدل الوطن

عصفورتان بالحجاز حلتا *** على فنن في خامل من الرياض
لا ندٍ ولا حسن بيناهما *** تنتجيان سحراً على الغصن
مر على أيكهما *** ريح سرى من اليمن
حيا وقال درتان *** في وعاء ممتهن
لقد رأيت عند صنعاء *** ومن حولي عدن
خمائلاً كأنها بقية *** من ذي يزن
قالت له إحداهما *** والطير منهن الفطن
يا يدح أنت ابن السبيل *** ما عرفت ما السكن
هب جنة الدنيا اليمن *** لا شيء يعدل الوطن

أحمد شوقي


dimanche 4 octobre 2009

نحنا و القمر جيران

نحنا و القمر جيران
بيتو خلف تلانا
بيطلع من قبالنا
يسمع الألحان
نحنا والقمر جيران
عارف مواعيدنا
وتارك بقرميدنا أجمل الألوان
ياما سهرنا معو بليل الهنا
مع النهدات
ياما على مطلعو
شرحنا الهوى غوى حكايات
نحنا و القمر جيران
لما طل و زارنا عقناطر دارنا
رشرش المرجان
غناني و ذكر حب و سهر

jeudi 1 octobre 2009

أين الهمزة؟

هذه التدوينة رقم 300 ولانني أؤمن بالارقام و لا أؤمن بدلالاتها الرمزية، فلن أجعل من هذه التدوينة مناسبة للتقويم الهجري وأنا بين أحضان الوطن ..

في الطائرة التي تستعد للنزول، طفلة صغيرة تسأل : هل نحن فعلا في إفريقيا يا ابي ؟ هل هذه هي إفريقيا؟
يجيبها الأب :نعم نحن الان في إفريقيا يا عزيزتي ..
لكن يا ابي أين الحيوانات ؟ لا أرى أي حيوان...أين الفيل؟ وأين الكركدن؟
تبتسم الأم الجالسة إلى جانبي.. وأجهش انا بالضحك المر.. قارة كاملة تختزل في حيواناتها.. كثيرة هي البلاد التي يختزلها حيواناتها... لا غرابة ..

هذا الصباح قمت بجولة صغيرة محاولا تجنب سيول المطر ..المطر حبر السماء..تكتب به ما تشاء على الأرض ..لغة يعرفها أصحابها والراسخون في العلم..
باب بيت قديم مفتوح بقدر ما يخرج رأس قطة صغيرة.. احسست بالدف2... أين الهمزة؟ تبا ليملي