lundi 30 novembre 2009

نسيت مفاتيحي ونفسي داخل بيتي


لا رغبة لي في الخروج هذا الصباح..أفضل المكوث داخل نفسي، حذو النافذة أطل منها على بحرها...يصعب علي تسلق سهلها..تستهويني فكرة بناء قصر على حافة الشاطىء.. يئن موجها مدا وجزرا..تقترب الامواج و تقطف قصري من رملي وتسحبه معها إلى بحرها..
أعود
دون قصري إلى بيتي.. وأعبر بيتي تعترضني نفسي..أغلق النافذة واجعل جسدي وسط معطفي و أضع رأسي تحت قبعتي الباسكية وأخرج مسرعا فيتبعني الباب لكنه يصطدم بالعارضة فتبتلع لسان قفله..
أريد العودة... لكن باب بيتي لا يجيب، أصاب البكم لسانه..
تبا ! نسيت مفاتيحي ونفسي داخل بيتي

إلى أن نلتقي سلاما

عندما ترحل ورقة الخريف عن غصنها
لا تقول وداعا،
بل تقول : إلى أن نلتقي سلاما..
سأعود يوما هكذا.. أو ليس هكذا تماما..
لكن سأعود يأطرني المطر والغمام..
ستأخذني الريح في رحلة قصيرة
ثم أعود ومعي الكلام..
فيا غصني تفرع ليحط عليك الحمام
..

samedi 28 novembre 2009

هكذا عار أنا ألقى أحلامي
















|




تفاصيل


تقتلنا التفاصيل يا مارا
وتجعل الكلي نقيضا للجزئي
وتجعل المجرد مجرد تجسيم
ل
لسؤال الأبدي..
تلتفت إلي مارا
لا تريد إفساد بسمتها الدائمة باسئلة الوجود
لمارا قلب طفل سعيد
آه منك يا مارا
ومن وطني البعيد



حلم

عندما يستدعيني الفراش
اخلع أفكاري وملابسي
وارتمي بين احضان الدفء
هكذا عار أنا ألقى أحلامي
هكذا أعيد ترتيب خيالي..
هنا أجد طريق سمائي
وهنا القيت في سلة المهملات
أوراقي و أقلامي
أقايض بافكاري أحلامي
وبكل كتبي ورقة من أوراق السنديان


أمنية
يا أيها الرازحون تحت الأفكار العتيقة
إن الصحراء كان في يوما ما حديقة


قافلة

خلف تقاطع طرق للقوافل كالظفيرة اعترضني عند سهل جبل من الرمال شيخ هرم
قلت: من أنت؟
قال: أنا الزمان و إبتسم..
قلت: وما هاته العقرب التي في يدك؟
قال : عقرب ساعة قديمة جعلتها عصاي اتكأ عليها و لي فيها مآرب أخرى.
قلت:هل يشيخ الزمان؟
قال: بلى، اشيخ ولا أموت وأمر و لا أفوت
قلت: يا شيخنا ! هل من كلمة؟
قال: تشبث بالامل !
وغاب عن نظري دون أن يضمحل

ابحث عن شيء ما ضاع مني فوق هذا الرصيف

ابحث عن شيء ما فوق هذا الرصيف..
ابحث عن من مر من هنا بحثا عن رغيف
و ابحث عن آثار أقدام بين أوراق الخريف
عن طفل نام هنا متدثرا بجسمه النحيف
ابحث عمن يقول سلاما..
ويحرر المعني من قيد الكلام..
أمشي فوق هذا الرصيف..
و ابحث عن شيخ يسبح لخالقه:يا لطيف،يا لطيف..
ابحث عن شيء ما ضاع مني فوق هذا الرصيف:
"رائحة الخبز الصباحي" قادمة من أقاصي الريف
و
عن إمراة استبدلت طلوع القمر بحسها الرهيف
ابحث عن شيء ما ضاع مني فوق هذا الرصيف

ثلاث دمعات



ثلاث دمعات:

يتنكر الكلام في زي شاعر
ويضع نظارة سوداء
ويجتاز شرطة الحدود
هل لديك ما تصرح به؟
أجاب : لدي ثلاث دمعات لم تنهمر وملابسي الداخلية
سبب الزيارة؟
قال:ابحث عن تعلة شعرية
تعطي لانهمار دموعي بعدا
رومنسيا ..
وعن وزارة تعطي لملابسي الداخلية صفتها الأبدية..



دمعتان:

يجفف الشاعر دمعتان على الرصيف
ثم يضعهما في منديله وينصرف..
دون أن ينتبه إليه أحد..





دمعة:

يتنكر الشاعر في زي الكلام
يجتاز شرطة الحدود :
هل لديك عملة صعبة؟
لدي دمعة صعبة وملابسي الخارجية
يتمتم الشاعر و يهاجر إلى وطنه


vendredi 27 novembre 2009

عيد الاضحى : عيد الخيانة وصناعة الموت


من أين يأتي الوفاء في الوقت الذي يطعن فيه الكبار أصدقاء الأطفال بالسكاكين ؟
أن الضحية الكبرى في هذا "العيد" عيد الدماء هو معنى الوفاء..
فالطفل الذي يكون قد كون علاقة صداقة مع خروفه والذي اعتنى به على مدار اسابيع و تحدث معه بلغة السكر.الطفل الذي أمضى الساعات الطوال في تزويق خروفه ..هذا الطفل الذي من أجل فرحته ندعي شراء "العلوش" نخون صديقه ذات صباح بالسكاكين و البخور..يستفيق الطفل من حلمه ويسأل عن صديقه فيأتيه الجواب قهقهة من "الكبار" : صديقك في الجنة! و يشيرون إلى جلد الخروف: الصوف الذي طالما نزع عنه الشوائب و إستعمل في ذلك حتى مشطه الشخصي، أصبح ملطخا بالدماء..دماء الخيانة!
وعينا
ن زائغتان : أين كنت حينما طعنوني؟
كيف لاطفالنا أن يتعلموا معنى الوفاء إن كنا نبدع في الطعن بالسكاكين؟
كيف لاطفالنا أن يتعلموا معنى العطاء إن كنا نمنع على الخروف الأكل قبل وقوع الجريمة ليسهل علينا تنظيف امعائه؟
ما أوسخنا !! ما أحقرنا !!
ذات صباح "عيد" كان الصمت يخيم على المدينة إلا من أصوات الخرفان كأنها تستغيث ..ثم فجأة انقطعت حتى أصواتها ! وساد سكون رهيب كالموت.. لقد استشهدوا !
لنسقي بدمائهم فكرة الموت ويقوم الأطفال الذين فقدوا اصدقائهم اليوم بعمليات "إستشهادية" غدا..
هاته هي صناعة الموت

علاش نحنا هكا؟











على خاطر كيف كنا صغار كنا مفعول به أكثر ملي كنا فاعل في جملة التكوين
|



على خاطر كيف كنا صغار, و من وقت الرضاعة، فهمنا إلي البكاء و التنغنيغ طريقة باش نطلبو حاجة و طريقة مجدية زادة..

على خاطر كيف كنا صغار كانو الوالدين يعملو كل شيء في بلاصتنا ويختارو في عوضنا لون الحوايج إلي نلبسوهم ولون الغلاف متع الكراسة..

على خاطر كيف كنا صغار كانت طريقة الحوار الوحيدة هي صبع السبابة إلي طالع هابط في الهواء يتحلف ويهدد..


على خاطر كيف كنا صغار شبعنا بالاهانات كيف نمشيو ونحلمو: "تي تحرك يا سخطة"
" يا كلب ايجا هنا ولله م
ا نوريك.."
كان الحب هابط علينا من كل بلاصة: "يا مكبوب ..ايجي بوك ونقولو خلي يكلك قلبك بالضرب.."

على خاطر كيف كنا صغار كانت الأخت هي إلي يلزمها تكون متفهمة لهبال خوها حتى كيف يبدا ظالم.."يكون منك العقل عيش بنتي" "ما تخوش عليه"
حتى لين خذا هو عليها الهف..

على خاطر كيف كنا صغار فهمونا إلي أهم حاجة نكونو رجال وموش إنسان:"أنا ولدي راجل"... و فهمونا إلي البنية لازم تكون " مقدية"..

على خاطر كيف كنا صغار كانو
ا الغنين في المدرسة يقعدوا القدام والفقراء لتالي

على خاطر كيف كنا صغار كانو
ا المعلمين يخلطو ما بينا وبين البهايم

على خاطر كيف كنا صغار ماكنتش عندنا ذوات. كنا جزء تابع :"ولد شكون إنت؟"
على خاطر كيف كنا صغار كانو الكبار يعطيونا طرايح على حاجات نشوفوهم من بعد يعملو
ا فيهم بالسرقة
نحنا اليوم هكا على خاطر البارح كنا هكا
ك! وإذا كان نحبو يكون غدوة موش كيما اليوم لازم يكون اليوم موش كيما البارح..

mercredi 25 novembre 2009

تحية ثا نية إلى مارطو في دفء الشتاء البارد

















.من الشعر ما هو كالخمر لا يروم غير الأماكن الندية ، في قبو، تحت ضوء خافت كصوت إمرأة، ليبوح بالسر بعد سنوات : رحيق الفرح


سأعيد ملء الكأس بالامل وأشربها حتى الثمالة علي أجد في قعرها سر
ها و نكهة المرح..

أحرر
من القارورة سجينها و رغبة في تقفي أثر زمردة عبرت أشعة الشمس..

صديقي لا تقفل الحانة قبل أن يعود قطار الحنين إلى محطته الأولى و
نشرب كأسا من الشعر و نأكل خبزا من النثر

lundi 23 novembre 2009

??عيد اضحى مبارك

اناهم الحيوانات ؟؟ إلي راكبين من تالي وإلا إلى راكبين من قدام؟؟؟

ترجمت كل اللغات فلم أعثر على رائحة البرتقال وسط الكلمات


ترجمت كل اللغات
ترجمت كل المعاني والمفردات
فلم أعثر على رائحة البن
حين يفيض القلب على الجمرات
لم أعثر على رائحة البرتقال وسط الكلمات..
ترجمت أشعة الشمس
فوجدت الدفء
ترجمت الدفء
فوجدت لغتي
وترجمت لغتي
فوجدتني قابعا فيها تحت ظلال الياسمين
لا آه خارج لغتي
ولا لغة خارج آهاتي..
كل الطرق تمر عبر لغتي
قبل أن تؤدي إلى روما..
لغتي بيتي ..بيت للغجر
أفتح النافذة و أمد يدي للقمر ..
لا اختلف معه على لون السماء
وإن إختلفنا على طعم السحاب في فمي..
رذاذ المطر
على شفتي
يصير أحلى حين أذكر ثدي أمي وماء الزهر

vendredi 20 novembre 2009

تسألني صديقتي عن البيت أين يقع؟

تسألني صديقتي عن البيت أين يقع؟
أشير إليها:
هناك
على قمة الموج ..
خلف ثنايا اللوز ..
عند
الشاطيء الرملي..
بين الوضوح و الضباب يكمن بيت الشعر

jeudi 19 novembre 2009

الاعلام الرياضي المصري

*على أرض القمر ما يستحق الحياة

..على أرض القمر ما يستحق الحياة..
غبار مقابلة قدم من حديد
جرائد كتبت بالرصاص ..
حرب الشقيق والغبراء من أجل قطعة قديد..
على أرض القمر ما يستحق الحياة..
قلب ينبح على غير هدى ..
علاقة العلم بالفدى..
إكتشاف أخ قديم ..
مصرع الشمس في حادث اليم ..
على أرض القمر ما يستحق الحياة..






مع إعتذاري الشديد لمحمود درويش *

ورقة الخريف

أنا ورقة الخريف الأخيرة.. أرتب شكلي و الواني
أحب الاصفر ..أحب البني ..أحب الأرجواني
أنا الحياة في شكل ورقة..
أنا ثلج الظهيرة في نار العشق قد غرق..
لم انته تماما ..
ربما إنتهى مشواري لكن ابتدأ الكلام..
أنا أنشودة الخريف
أنا ما كنت
وما سوف أكون على الرصيف..
أنا الثابتة
أنا المتحولة
أنا الحياة خارج عقارب الساعة المتجولة
..

mardi 17 novembre 2009

القائمة السوداء : آخر حلقة

استقبلنا موظف المكتبة بابتسامة عريضة ..فهم أننا بصدد البحث عن كتاب قل وجوده ..
سأعمل ما في وسعي لاجده..سأنزل ابحث عنه خصيصا لك في القبو .. "اعملو دورة وارجعو" .. هل معك دخان ؟ إنتهت سجائري ولا يمكنني الخروج من المكتبة...
علبة سجائر مقابل الحصول على كتاب..!
هذه هي المعادلة السهلة جدا التي تعترضك في كل دفاتر تمارين الحساب ..وفي كل الأقسام .. معادلة لا تحتوي على أي رقم صعب لمن يفهم في الاقتصاد الموازي للتخلف..
"خوذ و هات " ..! خذ ما لك فيه حق وهات ما ليس لي فيه حق..لكن هات..!
هنالك ما يكفي من التبريرات .. الكبار يسرقون ..الأجور بالكاد تكفي لسد ثقب ما..لا ليست رشوة ..
من سوء حظ موظف المكتبة أنه إلتقى بمصطفى ..لم نحصل على الكتاب لكن الأهم من ذلك أنه لم يحصل على علبة سجائر دون أداء جمركي..! طوال طريق العودة إلى الحومة لم نتبادل الحديث.. فقط جملة واحدة: علينا بمحاربة هذه الظاهرة الكلبة ! قال مصطفى ..
..في الطريق إتصل طهورة ..ينتظرنا أمام البيت ..يرتجف من برد المرض ..
مالذي أخرجك من البيت في هذه الحالة ؟ هل طردتك زوجتك..سؤال يحتمل فرضية الاستهزاء...
لندخل أولا...دخلنا..إبن القح..الساقط.. يهددني...أنا اريه ماذا تفعل الرجال.. هي لا تريده..البغل..فليذهب يبحث عن إمرأة اخرى..
حاولت بمعية مصطفى أن أفك رموز الكلمات.. اعدت ترتيبها .. دون جدوى ..!
هنالك كلمة ناقصة ..في كل الكلام هنالك دائما عمود يرتكز عليه كامل البناء.. بدونه يصبح الكلام دون معنى ..
طهورة يتعمد عدم مدنا بهذه الكلمة خوفا من أن ينهار كامل غضبه قبل أن يعبر عنه ..تحاشيا لجزاء سنمـّار ربما..
من طلب منه إصلاح الهاتف الجوال ؟ تفوه...! لم أعرف أن كان البصاق من تأثير المرض..أو تحت تأثير تلك اللافتة الصغيرة التي نجدها عادة في التاكسي أو الحافلة :ممنوع التدخين و البصاق ! بعد خمسة الآف سنة حضارة لا نزال في هذا البلد نتحدث عن البصاق في التاكسي ..!

لقد اطلع على كامل الرسائل القصيرة بيني وبين "فرجانية"...

فرجانية هو إسم عشيقته والذي يعوضه عادة بضمير المذكر الغائب أو بكلمة "الغير" في حالته العادية ..لكن في حالة الغضب هذه، فقد نظام المراقبة الذاتية.. ونطق باسمها..
فجاة انتهت القصة ..فجاة انتهت القصة على البلوفسفير لكنها ستواصل في دفاتري وأوراقي
..

lundi 16 novembre 2009

القائمة السوداء 22


أردت دخول المدينة العتيقة حيث المكتبة الوطنية على بعد أمتار من جامع الزيتونة.. لكن مصطفى سحبني من يدي ..ليست تلك بل البناية الجديدة في شارع 9 أفريل ..تقريبا في مواجهة محكمة التعقيب..

لماذا لا نطلق على هذا الشارع إسم شارع الشهداء ..فالشهداء الذين ماتوا من أجل هذا الوطن فيهم من مات قبل تلك الأحدات التي وقعت يوم 9 أفريل وفيهم من إستشهد بعدها ..
هل هي الصدف التي جعلت مقر الكتاب في مواجهة محكمة ويفصلهما شارع للشهداء؟
هل يمكن أن نعبر ذلك الشارع في إتجاه المكتبة الوطنية دون أن نتذكر كل الشهداء الذين ماتوا من أجل الكلمة..؟
المفكر السوداني محمود محمد طه الذي نفذ فيه حكم الاعدام في سودان الشريعة الاسلامية.. و المفكر فرج فودة الذي اغتيل بفتوى من جماعة الجهاد الاسلامي في مصر وغيرهم كثيرين..
لماذا يكرهون الكتاب؟.. تساءلت.
وصلنا إلى ساحة باب سويقة عندما استوقفنا "أيمن" ولد الحومة .. يملك ما يشبه الدكان في مدخل سوق سيدي محرز يبيع فيه الملابس الداخلية ولوازم الاعراس..
ما سبب هذا الربط بين الملابس الداخلية و الاعراس..؟ لم أعثر على رابط سوى تخلفنا ..

واصلنا الطريق إلى المكتبة..لقد تغير كثيرا "
أيمن"..؟ لم أعهده بتلك اللحية ..
قال: فجأة أصبح مواضبا على الصلاة..وأطلق لحيته.. ألم تر
ى ذلك الستار في الدكان؟ خلفه تقبع ملابس النساء الداخلية ..فقط النساء لهن حق الاطلاع على ما وراء الستار..
بناءا على إستشارة إمام المسجد..ملابس النساء الداخلية فتنة للرجال ..عليه بسترها....
قلت لمصطفى مازحا : كل شخص لا تكون ملابسه الداخلية متناسقة مع ملابسه الخارجية هو مشروع تطرف في كل الاتجاهات...
ضحكنا للمفارقة ... إلى أن وصلنا إلى مبتغانا أو هكذا خيل لنا...

يتبع

القائمة السوداء 21

في ذات اليوم ، مساءا رن هاتفي المحمول في كفي..ثم كالعادة ، صمت..
أعرف هذا الصمت.. إنه دعوة للكلام في أمور لا تعنيك على حساب جيبك ..!
لكن الطالب هو مصطفى وأعلم جيدا أنه فعل ذلك من باب الضرورة ..
لقد انهارت بيننا الحواجز المادية بفعل الزمن..وقصر نظر الدينار ..
البعض تعتريه نشوة الإنتصار عندما يقضم من جيبك مائة مليم...
أصبح ثمن الانتصارات بخس هذه الأيام..

أين ذهبت هذا الصباح؟

لم أستطع البقاء في ذلك الجو المشحون بالرؤوس المشرئبة لالتقاط الأخبار..لقد سمعت أكثر من تفسير للصراخ المنبعث من الشرفة ..
سمعت أن زوجة طهورة تطالب بالزيادة في المصروف اليومي .. سمعت أن سببه هو عزوف طهورة عن العمل والمكوث في المقهى... بل أن البعض سمعته يتحدث أن سبب العراك هو أن زوجته تطالبه بالقيام بواجباته الزوجية تجاهها..
من أين لهم بكل هذه التفسيرات ؟ أجزم أن الذي تحدث عن الواجبات الزوجية يعاني هو ذاته من عجز جنسي..

ألا نسقط على الأحداث مشاكلنا الخاصة ثم نفسرها كما يحلو لنا في نهاية الأمر..؟

الطبيعة لا تحتمل الفراغ لذلك نتكفل نحن بملءه ..

ثم قلت لمصطفى هذا حديث لا يستوعبه هاتف..أين أنت؟

وضعت جسمي داخل معطفي ورأسي تحت قبعتي الباسكية و جعلت أرضية البيت تمشي تحت أقدامي..وجدتني بالخارج..
قبعتي الباسكية تشعرني بالدفء في هواء بارد كهواء البحر المتوسط...
أجد نفس الدفء في شاشية تونسية لكن لونها الفاقع يتضاد مع ألوان ملابسي ..احرص دائما أن تكون الألوان منسجمة أو على الأقل متناسقة..
حتى ملابسي الداخلية أعمل على أن لا تكون في تنافر مع ملابسي الخارجية... هكذا فقط أشعر بارتياح عندما اتحدث ... ولا ارتبك في الكلام..
صحيح أن ملابسي الداخلية، لن يراها أحد.. ربما صديقتي على ضوء الشموع ..لكن تأثيرها يقفز إلى العين...
تجدني اتلعثم في الحديث ..أحمل شعورا لا اعبر عنه.. واعبر عن شعور لا أحمله...واشعر أن ذاتي مبعثرة كقطع الفسيفساء..
صديقتي هي الوحيدة التي تعرف هذا السر
، عندما تراني أتلعثم في الكلام، تقول لي: غير ما بداخلك..

التقيت بمصطفى في رأس النهج .. عندي الكثير لأحكيه لك عن طهورة ..لكن تعال معي أولا إلى المكتبة الوطنية ابحث عن كتاب ونعود بسرعة لنشرب قهوة المساء...

يتبع مع طابع سكر
..

samedi 14 novembre 2009

القائمة السوداء 20


لم يكن "نورا راس" بين الغائبين ..بل كان أول من التقط الهاتف الجوال أو بقاياه من على الأرض بعد أن ارتطم بالحائط....ودون أن يطلب منه أحد.. قرر إصلاحه ...
اختصاصه في الواقع يمتد من غسالات الصابون الكهربائية إلى إصلاح الهواتف الجوالة مرورا بالراديو والتلفزة ....
الألة التي يصلحها بعينين مغمضتين هي عصارة الفواكه المصنوعة في الصين والتي غزت الأسواق الشعبية..تنكسر بسرعة لانها تسخدم في أشياء اخرى غير الغلال.. ..الغلال صعبة المنال على الطبقات الفقيرة ..
اللافتة المعلقة فوق المحل لا يذكر فيها ذلك... لكن طلبات الناس التي تعتقد أن كل شي ي
شتغل بالكهرباء ينتمي إلى نفس الجنس ، جعلته يقبل طلباتهم باصلاح كل آلة تدب في أوصالها الكهرباء ..
من حسن الحظ أن لغتنا سابقة لزمانها ..قريبا تطرح في الاسواق سيارات تسير فعلا بالكهرباء و لنا الآن أن نسمي السيارة " كرهبة" ..
في غير أوطاننا تتبع اللغة الاختراع..إذ لا يمكن أن أطلق إسما على شيئ لم أخلقه بعد.. إلا لدينا ...
أذكر في حرب الخليج الأولى كيف أطل علينا خبير عسكري من جيشنا الوطني ليتحدث عن "بابور" الحسين..!! ويقصد بذلك محرك صاروخ الحسين، النسخة العراقية المعدلة من صواريخ سكود .. من يعلم قد تصنع في قادم الأعوام , صواريخ بدون محرك بل ببابور..

من لا يمسك بناصية العلوم لا يمكن أن ينتج لغة علمية..

كانت تلك آخر فكرة جالت بخاطري قبل أن استرجع وعي بمكان وجودي...
خفت حدة الصراخ المنبعث من الشرفة ..ربما يقف وراء ذلك التخلص من دليل الجريمة ..
عادت الرؤوس المشرئبة إلى الانحاء من جديد على أوراق اللعب ..وعاد الضجيج وغوغاء المعاني داخل المقهى ..

بحثت عن مصطفى فلم أعثر له عن أثر... عدت إلى البيت و كلي رغبة في معرفة ما حصل مع طهورة...اتصلت بمصطفى على هاتفه الجوال..
..خط مخاطبكم ليس في وضع إستخدام في الوقت الحاضر،نأسف لعدم الاستج... أقفلت الخط....

لم أكن أعلم أنه في ذات المساء سيحصل ما لا يخطر على بال أكثر الناس تحمسا للدراما الأغريقية..

يتبع

vendredi 13 novembre 2009

القائمة السوداء 19

إرتبك طهورة من صوت لم يكن ينتظره..صوت الزوجات دائم مزعج حين يأتي على حين غرة...فالرجال في حالة تلبس دائم..
قد تأخذ الزوجة زوجها
على حين غرة وهو يغازل فكرة ...

آش يعمل عندك التليفون متع حمادي
الميكنسيان ؟ ..لم تجبه ودخلت ..هذا أمر غير صريح بان يلتحق بها..

سأله مصطفى وهو يغالب الضحك، شكون حمادي
الميكنسيان ؟

رد بصوت منخفض.. لقد سرقت هاتفها البارحة ونحن في تاكسي..أريد أن أعرف إن كانت لديها علاقات اخرى...جراء سكرة البارحة نسيت الأمر تماما ..أكيد وجدته في مكان ما ...اللعنة ..ماذا أقول لها الأن..أرجو أنها لم تطلب في الأثناء تبحث عن هاتفها...

"بابا ..أمي تعيطلك..."
رفع رأسه ..برا أدخل ..هاني جاي..

قل لها أن حريفة نسيته في التاكسي البارحة..وأن
ك اعتقدت أنه حمادي الميكنسيان ..

قلت له ..قل لها الحقيقة..فذلك أهون عليها من أن تقول أن صوتها وصوت حمادي الميكنسيان لا يمكن التفريق بيهما..

النساء يفضلن الحقائق المرة على أن تخدشهن في انوثتهن ..

لست أدري إن فهم مع أردت قوله..
تحامل على نفسه وصعد إلى بيته..إلتفت إلي مصطفى وقال ..زوجته ستغلفه جيدا بلفيكس الحار..وكتمنا الضحك...
كثيرا ما نضحك ليس لان الأمر يثير الضحك بل تم
تلكنا سعادة داخلية لاننا لسنا في ذات الموقف ... نعبر عن ذلك أحيانا بالبكاء ...

بضعة دقائق كانت كافية ليشتد الصراخ القادم من شرفة بيت طهورة..
كل من في المقهى خرج يستطلع الأمر...وتكونت أمام
الباب، نصف دائرة من الرؤوس المشرئبة...يبحثون عن حكاية مثيرة لملء الفراغ ..
تسللت بينهم وقلت لمصطفى نلتقي بعد الفاصل ..لم أكمل كلامي بعد وإذ بشيء ما ينبعث من الشرفة، تابعته الرؤوس المشرئبة، قبل أن يرتطم بالجدار المقابل ..

يتبع

القائمة السوداء 18

كنت أريد الانصراف ..حين وقف طهورة بسيارته في الجهة المقابلة للمقهى وإلتحق بنا..
مالك عدت باكرا ؟
معادش انجم...! أشعر بتعب شديد من أثر سهرة البارحة... يبدو انني أصبت بنزلة برد..كل مفاصلي فواصل..
يبدو أنك في حاجة أكثر من مجرد العطف..وكنت أقصد معطفي..لم يفهم الرسالة ..

بين الدال والمدلول هنالك مساحة
للتأويل ..

..كان عليك أن لا تخرج مباشرة إلى الهواء... لتتفادى الصدمة ..المعطف يساعدنا على تحمل الأنتقال الفجئي من وسط حار إلى وسط بارد...

إن كان الأمر كذلك فأنت قبل طهورة معني بالنزلة ..هل نسيت أنك خرجت دون معطف البارحة؟

هنالك أيضا القابلية ..! نمرض لاننا لنا قابلية المرض..جسدك لا ينسى!
الخروج من جو التاكسي الساخن إلى جو بارد عدة مرات في اليوم.. نتيجته الوحيدة أنك تصبح أكثر عرضة وقابلية للمرض من غيرك..
كل ما تعرضنا إليه في حياتنا السابقة من صدمات وإنتقال فجئي بين عالمين, يبقى في الذاكرة...ويحدث خدوشا لا تمحى..لو تم هذا الأنتقال بشكل سلس وأكثر تدرج لما أحدث اثارا سيئة..
خروجنا الاول عنوة من حميمية البيت إلى المدرسة... إكتشافنا
الفجئي لعلامات البلوغ في ملابسنا الداخلية دون أي تحضير نفسي ..ارتطامنا الاول بعالم الشغل ..كل ذلك يترك حفرا عميقة في الذاكرة قابلة أن تتجمع فيها المياه..
إنهيار السد يبقى مسألة وقت..في أحسن الأحوال تصبح المياه راكدة ينام من تحتها العفن..يكفي تحريكها بعصا الوقت لتثور روائح الماضي..

انهيت كلامي..فجأة ..كما بدأته..

رفعت رأسي وجدت مصطفى يشير إلي بعينه أن أنظر إلى طهورة ..انتقلت بنظري أفقيا..وجدت مادة لزجة تسيل من أنفه وفمة قد فتح إلى النصف..

فجأة..
"أنا نقلك مستبرد وأنت تحكيلي على سد سيدي سالم؟؟"

انفجرنا أنا و مصطفى بالضحك..أما هو فسحب منديلا من ورق اغمس فيه أنفه وقال كل ما عنده..
قلت إلى طهورة..ما يجعلك في هذه الحالة من الانهاك الكلي هو كائن حي من صغره لا يمكن حتى رؤيته بالعين المجردة..

لا يملك الأنسان سوى لسانه..! لا شك أنه سمع هذه الجملة من إحدى حرفائه...
سأصعد إلى البيت لانام .."تاو نقول للمرا تعملي غلفة بلفيكس.."

في هذه اللحظة رن هاتفه ..حاول بصعوبة معرفة
الإسم المكتوب على شاشة الهاتف الصغيرة .. إستعاد إبتسامة ممزوجة باللعاب ونظر إلى مصطفى.ورفع حاجبيه إلى الأعلى ..هل يمكن رفعها إلى الأسفل..؟
انها هي...

ألو..! أهلا بيك..فينك ؟ راني شكشوكة.. مريض في حالة..

الجواب اتى من شرفة بيته و من الهاتف في نفس الوقت... زوجته تخاطبه ..
"تلفون شكون هذا سي الشباب ؟ "

يتبع دون لعاب

jeudi 12 novembre 2009

القائمة السوداء 17

المرة الجاية..أكيد باش تخطف..
ضحك مصطفى على رد شاباشا ..يبدو أنه اعتاد على هذا الرد..
شابابشا ربما هو الشخص الذي أعرفه في الحومة ولا استحق إلى مصطفى ليذكرني به..
إنقطع على التعليم في سن مبكرة... وإلتحق يعمل مع والده في بيع الخردة.. لهم سوق كبير في ضواحي العاصمة..
شاباشا الوحيد بين اخوته الذي لم يكمل دراسته ..ماذا أفعل بالدراسة ؟ المال موجود.. ورغم وجوده فلا مانع من لعب ورقة تي.ار.سي...
لا يقرأ من جريدة لبرايس إلا صفحة سباق الخيول ..ثم يعطيها إلى مصطفى أو أي شخص يعترضه..
البوهالي..عنتر..شمشوم..كلها أسامي خيول أسمعه يرددها على أهل الأختصاص ..
يحمل دائما معه قلم...يخط به خطوطا ودوائر في الصفحة الوحيدة التي يحتفظ بها من الجريدة ..له الحق في ذلك.. ماذا يفعل بالباقي؟..لا قيمة له..
أخذ مصطفى الجريدة وبدأ يتصفحها من من اليسار إلى اليمين.. نتعامل مع اللغة الفرنسية بتفكير عربي.. يكفي قراءة مقال بالفرنسي لترى اللغة الأم تسبح بين الكلمات ..نحن لا نكتب بالفرنسي بل نترجم ما نفكر فيه بالعربية إلى الفرنسية ..ترجمة الفورية..حتى يبدو كأنها فرنسية.. البعض يضيف بعض التراكيب للتمويه... دون فائدة..
هل يمكن أن أغير إسم امي إلى جوليات؟ ستقذفني بأول فردة قبقاب تعترضها..
أمي لا تحب الفرنسيين.قتلوا أبوها بعد طرد الحلفاء للألمان من تونس ..اتهموه بالتعامل معهم ضدهم...لا أعرف عنه شيء سواء أن إسمه محمد ..ربما لان إسمه لم يعجبهم فقتلوه... إسم فيه الكثير من الاستفزاز لهم...
لم أجد فرنسيا واحدا قادرا على نطقه صحيحا..هم أيضا يترجمون أسم محمد إلى لغتهم..ماهومي يقولون...
نحن.. نحاول قدر المستطاع أن ننطق إسم باريس وكأننا لسنا من الجنوب... لكنتي هي أنا ..
تعجبني لغتنا على لسان أهل الجنوب ..اعشقها..
أقول إلى أمي جدي إسمه ماهومي.. وأضحك...
ألا تخجل من نفسك.. لا تعرف إسم جدك ؟ تفو
وه ! جبدتكم وندمت..!

كلامها يزيد في ضحكي..أعرف أنها أحن علينا من الفرنسيين..

مصطفى وصل إلى صفحة التي سيقف عندها كثيرا..الصفحة الثقافية ..لكنه لم يفعل..لم استغرب..تموت الصفحة الثقافية وسط جريدة نصفها إعلانات بيع وشراء ..ونصفها الباقي شكر وإطراء ..
استهوتني فكرة مراقبة كراسي المقهى..كلها دون اسثناء أعيد لحامها ..
تقول الكراسي أكثر مما يقول علم الاحصاء ..
نحن شعب لا نريد الوقوف..! لا في وجه ..ولا إلى جانب..ولا مع..نريد الجلوس ..نحن في حاجة إلى كراسي أكثر صلابة قادرة على تحملنا لعشرات السنين..قابلة لل
تمدد و تمديد. !
أمثالنا خير دليل على ذلك..ما تربح من صاحبك كان البلاصة..!
هممت بالانصراف حين..

يتبع

mercredi 11 novembre 2009

القائمة السوداء 16

أشعة شمس الخريف الهشة تخترق كأس الماء..فينكسر الضوء على حافة الطاولة ..طاولة من خشب الصناديق عليها إحتراق من أثر السجائر..في الداخل لا يمكن رؤية من يجلس إلى جانبك..الدخان يخرج من كل الأفواه...يعوض الكلام...صراخ يأتي من آخر المقهى.. "ارمي أش في يدك..أرمي قتلك..هاي السبعة الحية..طاااافف...! تهتز المقهى ..وتنتفض الكراسي..

..هنا ننسى هزائمنا اليومية و
ننتصر بالورق على الورق..

أفضل دائما، مصطفى أيضا، الجلوس خارج المقهى ..هل نحن فعلا خارجها؟
كل المدينة صنعت من مقاهي ..أمامك مقهى وخلفك مقهى وخلف المقهى مقاهي..تعج بالعاطلين عن الحياة..

قال مصطفى:
قبل عشر سنوات وفي أوج الحملة ضد الاسلاميين وقع استدعاءه إلى مركز الشرطة...لسانه لا عقله سبب له المتاعب..!
لسهولة دخول المسجد الذي أمام محله واضب على الصلاة ..كان يردد دون وعي واعي بقرب عودة النظام الاسلامي.. لا يفقه ما يقول...دليله في ذلك صورة بالابيض والاسود وضعها في إطار فخم وسط المحل..

صورة خروف أبيض يحمل بقعتي سواد على جانبيه ..قال لي: أنظر جيدا ماذا ترى؟ قلت لا شيء..خروف ...
قال:لا.. لا..تثبت في السواد أليس كلمة الله؟ وهنا وأشار إلى الجانب الآخر ،أليست
كلمة محمد؟
انفجرت بالضحك..من يومها لم يعد يثق في ..يقول أنت شيوعي !
ضحكت لفكرة أن يكون مصطفى شيوعي.. شيوعي متصوف..!

تلقى إستدعاء ثان من مركز الشرطة ..يقال أنه تعرض للضرب ..من يومها قلت مواضبته على الصلاة وكف عن
الكلام..ربما تأثر إيمانه تحت تأثير قلة الكلام...
سمعته يوما يحدث اطفالا يطوفون حوله..الأطفال يحبون قصص الأحلام والخيال..
إن اردتم رؤية الرسول في المنام أعيدوا ذكر إسمه 777 مرة قبل النوم..
التكرار يؤدي إلى الحلم..والحلم يؤدي إلى الاعتقاد..وأخطر ما في الاعتقاد أن يتحول إلى حقيقة مطلقة ..

ثم صمت مصطفى ..شعرت بارتياح كبير ...كمن أغلق جهاز راديو بدون هوائي...شعور جميل أن تجد راحة السير بعد أن تتخلص من حصاة صغيرة كانت تلهو داخل حذائك..شعور جميل حقا أن نتخلص من الأجسام الدخيلة...
كل ماقاله مصطفى أحسست أنه جسم دخيل على هذا الصباح الدافىء..

لم انطق بكلمة..فقط قلت له لو ينزل القليل من المطر ستنبعث من الأرض رائحة التراب..أحب تلك الرائحة..
فهمت أنه فهم انني لا أريد مواصلة الاستماع ... مصطفى يعرفني منذ 25 سنة..! منذ كان الايمان طريقة لعقد الصداقات..

ألقى امامنا بجريدة لابريس وواصل طريقه ..صباحكم بالخير
صباح الخير شاباشا... شنوة كيف العادة ؟

يتبع تباعا

ومن حسن حظّيَ أن الذئاب اختفت من هناك

أَمشي / أهرولُ / أركضُ / أصعدُ / أنزلُ / أصرخُ / أَنبحُ / أعوي / أنادي / أولولُ / أُسرعُ / أُبطئ / أهوي / أخفُّ / أجفُّ / أسيرُ / أطيرُ / أري / لا أري / أتعثَّرُ / أَصفرُّ / أخضرُّ / أزرقُّ / أنشقُّ / أجهشُ / أعطشُ / أتعبُ / أسغَبُ / أسقطُ / أنهضُ / أركضُ / أنسي / أري / لا أري / أتذكَّرُ / أَسمعُ / أُبصرُ / أهذي / أُهَلْوِس / أهمسُ / أصرخُ / لا أستطيع / أَئنُّ / أُجنّ / أَضلّ / أقلُّ / وأكثرُ / أسقط / أعلو / وأهبط / أُدْمَي / ويغمي عليّ /

ومن حسن حظّيَ أن الذئاب اختفت من هناك

محمود درويش.

من هو الكاتب الحقيقي لذاكرة الجسد؟

لقد ثارت العديد من الشكوك حول الكاتب الحقيقي لهذا النص ..خاصة أن كتابات أحلام مستغانمي بعد هذه الثلاثية لم ترتق إلى مستوى تلك النصوص بقطع النظر عن تقيمنا النقدي لها..
يقول الشاعر العراقي سعدي يوسف في إعتراف كتبه الناقد التونسي كارم يوسف في جريدة الخبر الجزائرية ،أنه الكاتب الحقيقي لرواية ذاكرة الجسد ..
يقول:"عشت مع أحلام مستغانمي كل مراحل كتابتها لهذه الرواية ، وكانت تمدني بكل ما تكتبه ، وكنت اقرأ وأعيد الكتابة ، ولما انتهت أعدت قراءة المخطوط ، ثم أعدت كتابته ليصير كما هو عليه الآن ـ ذاكرة الجسد ـ . ولأن ذاكرة الإنسان هي الأبقى ، ولأنها أعتى من ذاكرة الجسد والروح ، قررت بعد ألم ما حدث معي ، ومحاولة محو كل أثر لي ، ومحاولة محوي وإغراقي في نسيان قصدته أحلام ، كتبت قصيدة ستظل تحكي ما حدث وما لم يحدث لكل الذين عرفوا ولم يعرفوا ، خصوصا لي أنا ، وأيضا لها هي ، لأن الحقيقة اكبر"
.هذه القصيدة نجدها في ديوانه : حانة القرد المفكر ، الصادر في بيروت 1997.و في هذه القصيدة يقول سعدي يوسف تحت عنوان عن اللائي يكتبن رواية مشهورة متناسية سيرتك الأولي ـ خوفا ـ أو تعبا ـ فلماذا هذا العبث الفارغ كله؟ دوما تأخذك الكلمات ـ إلى أين ـ كأنك من الكلمات ، وكأن حياتك ليست بحياة ، قد تكتب أوراقا عن أسرار روايتك الأولى ، قد يذكر س أنك فرجينيا وولف ، حسنا، لكنك أدرى منه ، ومن تلك الأوراق ، أدري بتراب روايتك الأولى ..
هل يمكن أن نتعاطى مع مثل هذا الكلام بلا مبالاة؟ خاصة وأن أحلام مستغانمي تقول في حوار مع نفس الناقد التونسي كارم يوسف "... تقنيا لا اعرف كيف تكتب رواية. لا أدري، لسببين الأول لم ادرس هذا ولا اعرف كيف، لا احد شرح لي كيف تكتب رواية وثانية أنا أمّية وفي الواقع كان لابدّ أن اخجل من قول كهذا لأنه عيب أن كاتبة مثلي تدّعي أنها أمّية."..." مشكلتي أنني أمية، أمية لانه ليس لدي وقت كاف لأقرأ، أنا عندي ثلاثة أولاد كان لابدّ أن أختار بين أن أكتب أو أن أقرأ." في حين أذكر في أحدى روايتها تقول: النتيجة الطبيعية للقراءة هي الكتابة..أو ما يفيد هذا المعنى..
كما صرحت بتصريح قالت فيه :
" من أجمل الأشياء التي قيلت عن هذه الرواية أنه لو حذف منها الغلاف ، لن تعرف إن كان كاتبها رجلا أو امرأة ·"
كل هذا من شأنه أن يثير الشكوك حول إنتساب النص إلى مستغانمي .. وأعتقد أن البحث عن الحقيقة أمر مشروع
-----------------------
ما يستند إليه هذا البوست موجود في الأنترنات و في موقع الناقد التونسي كارم يوسف


mardi 10 novembre 2009

القائمة السوداء 15


إنتهى مصطفى من الضحك أو يكاد..
إنه غريم طهورة..! نورالدين نناديه نورا راس..يفنى على رأس العلوش المشوي.. يكاد يأكل ذلك يوميا..لذلك اطلقنا عليه هذا الاسم.. "نورا راس"..كان سعيدا باسمه الجديد ..يقول :إسمي يشبه ابطال أفلام الويستارن..ثم يقوم بحركة سريعة..ويطلق ثلاث طلقات في الهواء.. ويعيد مسدسه الوهمي إلى مكانه الوهمي أيضا..
تخلص من تلك العادة عندما تزوج..لكن بقي الأسم والبطن ..و رذاذ البصاق المتناثر حين يت
حدث...
لماذ العمود الفقري لمعظم الرجال عندنا
له هذا الشكل الذي يشبه حرف "أس"* ..الرأس و الظهر منحنيان إلى الامام.. والبطن مندفعة ..وساقان بالكاد لهما القوة لحمل هذا الثقل ..أقصد ثقل النفس.. للجسد وزن...
كيف لهذا الجسد أن يستنشق
الهواء برئتيه ؟ قلبه بالكاد يجد مكانا بينهما تحت تأثير البطن المندفع في كل الأتجاهات ..

هذا؟ هذا؟... غريم طهورة

كان يغدق عليها العطايا ...ويتعلل دائما باصلاح تلفزتها ..تعلم ذلك في الجيش.. ثم فتح ذلك الدكان الصغير عليه تلك اللافتة :عند نور
ا راس : إصلاح الراديو والتلفزة ..توقفت معلوماته في الكترونيك قبل إختراع "سيركوي انتقري"..

لا أعرف إسم هذا الاختراع بالعربية..
ألم أقل لكم أن اللغة وليدة بيئتها ..؟ كيف لي أن أصف الفيل إن كان الفيل ليس من بيئتي؟ ..

منذ شهر تقريبا حمل معه كالعادة كيسا من المواد الغذائية..وذهب إليها ..طرق الباب .. لم تخرج إليه ..بعثت ابنتها ..فتحت الباب وأخذت الكيس وأغلقت الباب في وجهه... من ثقله أعاد طرق الباب..خرجت ابنتها مرة ثانية ودفعته ..من وزنه سقط على الأرض...
ماذا تريد عندنا..؟ أتريد أن اذهب إلى زوجتك واخبرها..؟..ساقط...
هو ساكت..لم يقل كلمة وعاد من حيث لم يأت.. لكي لا يراه أحد..
..
طهورة أقسم لي أنها أقسمت له أنها كرهته...

جملة ركيكة في ركاكة الحكاية..قلت لمصطفى...
ماذا أفعل؟ تلك هي الحكاية ..ولغتنا من أصل تلك الحكاية..هل استعمل اللغة الفرنسية لتبدو لك القصة أكثر تحضرا..؟
قلت وهذه السمة على وجهه ؟
تقصد "طابع الصلاة"؟.. تلك قصة أخرى..


*s

يتبع مدام عندو التابعة :-)



lundi 9 novembre 2009

القائمة السوداء 14

قلت هذه هي عشيقة طهورة؟..

لا..لا هذه هي أختها ..
الأقل سمنة؟؟..

إبتسم مصطفى
من كلام لم اقله...

من قال أن اللغة قادرة عن وصف كل شيء؟ مخطىء ولا ريب.. للغة حدود ..قد يتمرد عليها المعنى.. المعنى سجين اللفظ ..وكل الالفاظ التي أعرفها غير قادرة بمعانيها على وصف ما رأيت.. هل تريدون لفظ دون معنى؟ معظم ألفاظنا هجرتها معانيها.. كقوقعة الحلزون الفارغة ...بيت مهجور..
تكبر افكارنا كل يوم وتتسع معلوماتنا..واللفظ عندنا كأنه صب صبا في قوالب من رصاص..اللغة وليدة بيئتها..
كيف لي أن أصف لكم الفيل إن كان الفيل ليس من بيئتنا؟..حتى فيلنا الوحيد المقيد من رجليه بسلسلة من حديد في حديقة الحيوانات قد مات ..رأيت مرة المصور الفتوغرافي يضربه بالحجر..
لماذا تفعل هذا؟.. قال: إبن الكلب..ينفض علينا الغبار..
لو لا الحيوانات لما أتى أحد ليأخذ صورة... إلا إذا فضل احدهم أن يأخذ صورة مع المصور ذاته من باب ال
خطأ..لكن من يضغط على الزر في هاته الحالة..الفيل لا يجيد هذه العملية...
عندما تدخل الحديقة يختلط عليك الأمر ..لا تعرف بالضبط من أي جهة من السياج الفاصل تقف الحيوانات..
ملك الغابة بطولها وعرضها محاصر في قفص لا يتعدى طوله الخمسة أمتار !
والذئب القطبي لو لا السواد على الحائط لما رأيته ..يدور و يدور ..في حركة لا متناهية..كأنها العدم!..

مرت تتهادى.. لم أجد السجاعة لانظر إليها من الخلف..في جميع الاحوال لا أعتقد أن هنالك فرق ...

تذكرت أغنية لمحمد عبد الوهاب رددتها في داخلي تقول: وعشق الروح مالوش آخر و عشق الجسد فاني..
انتابني شعور، وأنا أنظر إلى جسدها ، بان
عبد الوهاب يضحك على ذقوننا ..
شعور جعلني أسأل مصطفى ،من تكون هذه المرأة ؟
قال :أنها أخت "الهادي قصدرية" بائع العملة الصعبة والويسكي..مالك؟ كأنك لم تسكن الحومة يوما..
قلت:يبدو الأمر كذلك.. واكملت الأغنية بصوت أعلى....وعشق الروح مالوش آخر..
و عشق الجسد فاني..

قال يبدو أنك لم تفق ..

بلى بل هو زهو الاغاني..

مصطفى نهارك زين.. أنستك بيه..

من هذا ؟..

قال: هذا؟ وإنفجر بالضحك..


عندو التابعة

القائمة السوداء 13

مدني مصطفى بمنديل من ورق... الورق مرة اخرى...ربما هو إخترع الانسان الوحيد المجدي.. عالم خيط من ورق ! لمحاربة الأرق..
اتجهت مباشرة إلى باب الخروج...
معطفك ! قال مصطفى..لا حاجة لي به ..اعطيه إلى طهورة ..لا شك أنه في حاجة أكثر مني إلى عطف فقده...
..كلما وضعت رأسي على الوسادة ..طافت بي العالم.. أفتح عيني لارى العتمة... اشعلت النور احترقت أصابعي..نهضت ..
من خلال ستائر النافذة الشفافة أرى شبح في شرفته يقوم بحركات بيديه وينظر في إتجاه عمارتنا..عمارتان تتحدثان بالاشارات يفصلهما نهج ضيق..وقطط تموء... لغة الظلام...لم ابحث عن فهم ما يدور في الطوابق العليا ..أرى ذلك غدا في أعين الجار ..
عدت إلى الفراش..
..صوت الدراجات النارية بدون كاتم صوت و ضوء النهار كانا كفيلين ل
أنفض عيناي من بقايا النوم .. ألايكفي صوت محرك الدراجة، حتى نعزل كاتم الصوت؟ تبا!..هذه المدينة أصوات تنادي ... الكل ينادي ..
كل على طريقته .. البعض من المئذنة..والبعض الآخر من التلفزة..المثقفون في فايسبوك أما المراهقون على الدراجات النارية دون كاتم صوت يصرخون في وجه الكبار أي الأقل مراهقة.. نحن هنا..طوورررررر ...
لغة جديدة في البلاد.. استبدلوا حرف النداء :يا.. بطوورررررر ... هل من سميع؟
الكبار مثلي يلعنونهم... في هذه المدينة نستبدل الحوار بالضجيج..

رن هاتفي الجوال ..ثم صمت... رسالة قصيرة: أطلبني!..
هذه طريقة اخرى في الكلام..اتحدث معك على حسابك الخاص..
طلبت الرقم ..مصطفى يريد أن نشرب قهوة الصباح في مقهى الحومة..
لبست ملابسي ..حشو.. كلمة لبست تكفي..لماذا ملابسي..هل يمكن أن ألبس شيء آخر؟...
قد يلبسوك قضية ...تجاوز حدود الكلام..إطلاق الحمام..سب الجلالة في الأفلام..
في هذه المدينة نستبدل الحوار بالضجيج..
. تكرار ..
وجدت مصطفى و طاولة عليها قهوتين وكرسي شاغر...
أين صاحبك..؟
ذهب الآن يشتغل ..قال لابد من المال ...شرب قهوة دون سكر ! لم ينم طوال الليل ..يشعر بالذنب.. كلامك البارحة أكثر رداءة من الخمرة قال..
وأين معطفي ؟..لبسه ..
إبن الكلب..ألم أقل لك أنه في حاجة إلى العطف.. وغرقنا في الضحك..
سيعود بعد قليل إلى بيته..للغذاء ..
لا تلتفت..لا تلفت الآن.. ها هي ..

يتبع تباعا

dimanche 8 novembre 2009

القائمة السوداء 12

كل هذا يبكي: البطن المندفع و الأكتاف العريضة ... الرأس المنحني.. الأرجل المنفرجة..كل هذا يبكي.. من جراء كلمة..أدركت يومها أن للكلمة كلمتها ...
ألقى إليه مصطفى بمنديل من ورق ثم نظر إلي كانه يلومني...نفس الورق الذي نخط عليه أحلامنا ..ونفس الورق الذي ننفخ فيه قيمة ما..نمسح به دموعنا...
وضع دموعه وسط المنديل..وسحب نفسا طويلا..
كنت سوف أشعر بالذنب ..لكن وجدت في استئنافه الكلام وكأن شيئا لم يكن سندا لي...

الشعور بالذنب، ذنب..!
أصبح أكثر مرحا...حين لم نأخذ بكائه مأخذ الجد..واعتبرنا ذلك أمرا طبيعيا لا ينقص من رجولته شي... ولا يزيدها...

الحب...كيف أقول..حب الزوجة ليس كحب العشيقة..أم أولادي احترمها..لكن الحب الذي عشته اليوم شيء آخر...رائحتها ..إهتزاز ثدييها كلما غاصت عجلات التاكسي في أحدى الحفر ..أصبحت ابحث عن الحفر وسط الطريق..

تشتهيها أم تحبها ؟

لا..لا..! نعم...أقصد ..لم أفهم سؤالك..

ألم تسعى خلف أختها الأقل منها سمنة..دون جدوى..

لا.. مصطفى.. لا.. كان زمان..أنت تتحدث عن
تسعة أسابيع خلت..

من فوائد الخمرة أنها تطلق السرائر دون رقيب.. نكون نحن..كيفما إتفق.. لكن نكون نحن بصدق..

لقد أقسمت بهذا البطن وما احتوت أنها لا تعرف الآن سواي..وأنا بدوري أرفض أن تنام مع غيري..

قلت:
تأكل من يدي زوجتك..وتلعب مع ابنك وتنام مع عشيقتك..لا يكفيك هذا بل تريد أن تفرض عليها حصارا ولا تعرف سواك.. أليس في ذلك الكثير من الأنانية؟

في حالة الحصار، يشترك الانسان والجرذان في خاصية الهجوم كحل أخير... ربما ذلك ما يفسر عدم إنقراضهما...

إنتقل طهورة إلى الهجوم..باسلحة عتيقة..وخراطيش أكلها الصدأ..
ذكرتني بالالعاب النارية في أيام العيد..لا أذكر تماما أي عيد.. لكنه عيد نبتهج فيه بانقضاء شهر فرحنا بقدومه ..

من أين يأتي هذا الفرح في عيون الأطفال وهم يرون بأعينهم "الفوشيك" الذي وضعوا فيه كل ما يملكون يوم العيد، كيف يتحول إلى فتات متناثر في الهواء؟ فقط لسماع طلقة!

الطلقة هي إنفلاق الصمت !..

هذه الطلقة التي تفرح الصغار تفرح الكبار أيضا..فقط الصغار أكثر تلقائية في فرحهم..
الكبار يتصنعون الوقار ...ويهادنون الصمت..

يعود الصمت من جديد إلى حالة الصمت..

..ويعيد الانسان الكرة .. لو نحدث ثقبا وسط هذا الغشاء الهائل...لاصبح العالم أكثر تهوئة....ثديي العشيقة يهتزان لكنهما لا يحدثان ذلك الثقب المطلوب...ليدور الهواء..

الخمرة وإن كانت رديئة تجعلك تفكر..وترتفع بك إلى باطن الأرض..

زوجة طهورة...ابنه ...فوشيك العيد... مصطفى بنظرياته المتشعبة كرأس بروكلو...عجلات التاكسي..ثديي العشيقة... طهورة و دموعه..كلها..كلها بدت لي محاولة لاحداث ثقوب في هذا الصمت...
خراطيش طهورة القديمة ..غاصت في الصمت ثم ارتدت على اعقابها.. الصمت غشاء يحيط بنا غير قابل للتمزق..فقط للتمدد!

قال وهو يهاجم.."لا.. لا.. برجولية أنا راجل و هي مرا...موش كيف كيف.. "
لست أدري كيف قفزت فوق السرير وذهبت مسرعا إلى المرحاض...إلتحق بي مصطفى ..هل ه
ي الخمرة الرديئة؟..
قلت لا..! بل كلام صاحبك!

يتبع كيف التابعة

jeudi 5 novembre 2009

القائمة السوداء11

ارتطمت الكؤوس ببعضها البعض..لكنها لم تصدر ذلك الرنين الذي يسري في ارجاء الفضاء كنغم متجانس.. ربما لرداءة الخمرة..أو أن النخب الذي نشرب عليه ليس له نفس الرنين في نفوسنا.. ربما..
أحدثت الكؤوس صوتا مكتوما.. كأنها رصاصة خرجت من كاتم للصوت و استقرت في كيس رمل.... دوففف !
..لا غرابة إن كانت الكمية بروكلو...
قال مصطفى : أين انزويت بها؟..استغربت هذا التركيب اللفضي من مصطفى ..أم أنه جزء من تداخل الدوائر؟ ...كان عليه أن يقول مثلا :أين ذهبتما ؟ أي
ن إستقر بكما الحال..؟ أما أن ينزوي بها فهذا يخرجنا من دائرة التفاعل إلى دائرة المفعول به... أم أن ذلك من متطلبات المرحلة... كلام في كبر الجبال.. حليف مرحلي.. طبيعة المرحلة... إنتقال مرحلي...
ابتسمت وأنا اخلع شفاه الكأس عن شفاهي..تذكرت مصطفى .. يدافع عن حرية المرأة ويرى في كتاب الطاهر الحداد نبراسا ..وكتابات قاسم أمين إمتدادا.. و الآن ينزوي بها و بافكاره ..!
قال طهورة: ربي يهديك يا مصطفى ..لو تركت لي البيت... لن يزيد الامر عن عشرين دقيقة...
لم تراودني أي رغبة في البحث عن الحلقة المفقودة بين عشيقة تزن الطنين و بين عشرون دقيقة تكفي ...يعني أن لكل طن عشر دقائق؟ ولكل مائة كيلو ، دقيقة!...عمليات الجمع والطرح لا تتم إلا إن كان الموضوع متجانس..كيف يمكن إضافة الثقل إلى الوقت؟
إستعصى علي الأمر... نسيته..
ذهبنا إلى ضفاف البحيرة ...فيلات فخمة و بنايات من عهد قادم.. ..لكن لا يوجد أحد ..الكثير من قطع الأراضي المسيجة لم يقع بناءها بعد .. من له القدرة أن يسكن هناك؟..من أين كل هذا المال؟ ..أولاد القح..انهم يسرقون باسم القانون ..
أهدتني شريط أم كلثوم ..استمعنا إل
يه في طريق العودة ..لن تجد من يعبر عن الحب كما عبرت عنه أم كلثوم..

ما إسم الأغنية؟

لا أذكر بالضبط لكن حفظت هذا المقطع :

القلبُ قد أضناه عشقُ الجمال

والصدرُ قد ضاق بما لا يُقال

يا رب هل يرضيك هذا الظمأ

والماءُ ينسابُ أمامي زلال

أولى بهذا القلب أن يَخْفِقا

وفي ضرامِ الحبِّ أن يُحرَقا

ما أضْيَعَ اليومَ الذي مرَّ بي

من غير أن أهوى أو أعشقا

قلت،وكان ذلك أول كلامي لطهورة..كأنك لم تعرف الحب يوما..ألم تحب زوجتك قبل أن تتزوج ؟
لم أكن أعلم أن هذا السؤال سيضايقه إلى حد البكاء.. حتى الخمرة الرديئة تجعلنا نبكي..

يتبع

mercredi 4 novembre 2009

القائمة السوداء 10

تلاقت نظراتنا الثلاث..وانفجرنا بالضحك..لماذا لم يقع نسيان حقيبة مليئة بالدولارات كما في الأفلام..الأفلام أقل واقعية من السماء..وأكثر حلما من الأرض..
ربما نساه حريف أخذته هذا الصباح من السوق المركزي.. نسي رأس "بروكلو" .. لماذا لم ينس شيئا آخر.. عملية النسيان تمت...أي نظريا، يمكن أن يكون موضوع النسيان أي شيء آخر..بطاقته البنكية ...هاتفه الجوال..رسائله الغرامية.. بطاقة تعريفه..تطلعنا على معلوماته الخصوصية..
في لندن مظاهرات من أجل رفض مشروع تريده الدولة يقضي باسناد بطاقة هوية ..ونتفاخر في تلفزتنا الوطنية بان بطاقاتنا غير قابلة للتدليس ..و
عصية على التدنيس..لا أريد المقارنة بين الدول..ليس لدي رغبة الآن في البكاء اللاارادي..
نسي رأس بروكلو ! ..
علماء النفس لا يعترفون بفعل : نسي ! يقولون والعهدة عليهم..أن الانسان لا ينسى بل يتناسى !..
فان قال لك صاحبك عذرا لقد نسيت موعدنا البارحة! فصاحبك ،حسب علماء النفس ،كاذب ..هو لا يريد في قرارة نفسه أن يأتي..ننسى عادة مواعيد طبيب الأسنان..ومواعيد تسديد الفاتورات..والمواعيد التي نعطيها لزوجاتنا ...طبعا نتهيأ قبل ثلاثة أيام لموعد مع العشيقة...

ماذا سنفعل بهذا الرأس المتشعب ؟

الخمرة رديئة و "الكمية" بروكلو..!

لكن طهورة إقتطع جزء من دائرتي..قال كلاما ليس كما نجده في الكتب..
لكنه مقنع إلى حد ما ..الكلام المطبوع يعطينا شعورا أنه كلاما ذو دلالة غير قابلة للتشكيك.. الجريدة أكثر صدقية من الاشاعات...كلام الجرائد إشاعات مكتوبة ... عقود المشافهة لا تساوي شيئا أمام القاضي..يعترف القاضي بما خط القلم... عقودالزواج و إنتقال الملكية والبيع حين تزيد قيمة التعاقد على الثلاثة دنانير ..عندما يسري الحبر على الورق تصبح الكلمة أكثر قداسة.. في شكل دساتير أرضية أو سماوية..ربما لانه بامكاننا أن ننكر ما قلنا كما نفعل دوما..لكن يصعب ذلك حين يكون الكلام مكتوبا أي سجين الورق..ورقا من فوقه الحبر..!
رأيت كؤوسا ترفع فرفعت..قال طهورة على نخب الحب..!

يتبع كيف العادة

mardi 3 novembre 2009

القائمة السوداء 9

قام..إستدار ..ذهب...وعاد..معه طهورة ..يحمل قفة صغيرة ..
اقترحت عليه أن يجلس مكاني ..أسلوب غير مباشر للتعبير عن الرغبة في الانصراف.. أصر مصطفى همسا أن أبقى.. لست أدري لماذا قبلت.. طبيعي أن نقبل الدعوة بعد
الإلحاح لا قبله..
ربما قبلتها تحت تأثير الخمرة السيئة..أو ربما بحثا عن تقاطع الدوائر الذي طالما تحدث عنه مصطفى..ترى ما هي المساحة التي يمكن لطهورة أن يقتطعها من دائرتي..؟
أردت أيضا التثبت من نظرية مصطفى في تقاطع الدوائر ،هكذا اسميتها،على ارض الواقع...

لست أدري لماذا كلما تحدثنا عن الواقع ربطناه بالارض..على عكس الحلم بالسماء.. أليست السماء أيضا واقعية؟ .أرض واحدة يقابلها سموات سبع.. ...كلما قل العدد كلما كان إحتمال واقعيته أقل.. كانت الآلهة قديما في مكة متعددة و بالتالي أكثر واقعية ..بل يمكن حتى لمسها و رشوتها.. أما الآن...
أجزم أن السماء أكثر واقعية من الارض.. .
سموات سبع!
ربما لذلك لم نستطع حتى اختراقها..هم لهم سماء واحدة ..نفذوا منها وطوقونا باقمارهم.. قمرنا لا زلنا نبحث عن بدايته في أول كل شهر..
هل رأيتم ولادة على مراحل؟ سماءنا تلد الشهر على مراحل ..وما العيب في ذلك..المهم رأس الشهر...
حتى طهورة يعتقد في رأس الشهر .. تكثر الحركة و اشتغل جيدا.. الكل يريد أن يأخذ تاكسي في رأس الشهر..وهنالك حتى من يركب خلفي على اليمين..يعتقد انني سائقه الخاص..تبا!.. في وسط الشهر يحرصون على مراقبة العداد..الغش ليس من ديننا..
يتذكرون الدين عندما تكون حافظات نقودهم فاضية أو تكاد..
المال والايمان يتصاعدان
و ينخفضان عكسيا..
استغربت أن يأتي مثل هذا الكلام من سائق التاكسي..إعتبرته شيء.. عندما رأيته أول مرة..لكن يبدو أن احتكاكه بالناس علمه الكثير..
المظاهر خادعة في كل الحالات وإن خدعت..!
سحب طهورة من قفتة معلوم إشتراكه..ثم قرطاس متوسط الحجم لا
نعلم ما في وسطه... قال نساه حريف في المقعد الخلفي ..
بحث هو عن حلال العقد..و
أخذ مصطفى القرطاس بين يديه... لما فتحه تدحرج رأس على الأرض وإستقر عند الباب ..في أقل من ثانية تقاطعت نظراتنا نحن الثلاثة

lundi 2 novembre 2009

القائمة السوداء 8


...فخرج إليه مصطفى وبيده سطل كبير من الماء...

قال : جئتتك لتكمل لي "
هاك القضية"... لست أدري لماذا نتعمد الابهام والتعميم كلما تعلق الأمر بالمال..أو بالنساء ؟
لماذا لا يقول له أريد بقية مستحقاتي..هكذا صراحة.. .. تثور مشكلة فقط لاننا نعتقد اننا قلنا ما نريد و الاخر يفهم كلامنا المبهم كما يريد.. في آخر الأمر، إن كان للامر من آخر، فهمنا للامور يخضع للذاتي فينا..نفهم ما نريد أن نفهمه وكما نريد أن نفهمه..
هنالك أمر ما لا يستقيم في كل هذا.. هل هي اللغة؟ قصورها أم كسورها الكثيرة ؟ أم أن الأمر يتعلق بنا نحن؟ لم نتعود على أن نقول ما نفكر فيه..نراوغ..نجامل..نتزأبق...كلامنا حلزوني المظهر والملمس..
من حسن الحظ أن مصطفى لم يكن يعاني من قصور في إستقبال المعلومات..فقط أراد إختبار مدى سريان الماء في الاتجاه الصحيح...سكب سطل الماء ..وانتظرنا النتيجة كمن ينتظر نتيجة إمتحان خاضه دون تدخلات..

..كل إصرار مصطفى وتأكيداته ذهبت إلى البالوعة إلا المياه..!
تم إستنتاج الفشل في بضعة دقائق.. بضعة دقائق كانت كافية لتخرج مصطفى من عقله ! ثم هجر عقله جملة واحدة عندما قال صاحبنا :الله غالب ! البلاط ليس من النوع الرفيع!
..ربك! لقد جلب الر
ومان المياه من زغوان إلى تونس فوق حنايا يمتد طولها عشرات الكيلومترات وأنت عجزت عن إيصال مياه الأمطار لثلاثة أمتار !!
ثم إنطلق في محاضرة عن مزايا الرومان وما توصلوا إليه ..
هل تقدمنا فعلا مقارنة بما توصل إليه الرومان ومن قبلهم الفراعنة..؟ أليس ما يفصلنا عن تلك العصور هي وهم الاختراعات التي حصلت في المائة سنة الأخيرة ؟ أما الانسان فبقي كما هو.. كتلة من هلع وكرة من أعصاب !
يلقي بالمسؤولية مرة على قوى خارجية ومرة على بلاط ليس من النوع الرفيع ..
الرجل لم يفهم من كلام مصطفى شيء ..كل ما فهمه أنه لن يحصل على بقية مستحقاته لان الماء لم يصل إلى مستقره..
وتأكد من ذلك عندما قام مصطفى في قمة محاضرته وفي لحظة غضب بتهشيم البلاط بمطرقة كانت تراوده دون أن نعلم ..

كل هذه الذكريات تقاسمتها مع مصطفى وأنا أسكب له آخر قطرة في العقدة الثانية ..
الشعب الذي يعجز عن بناء أربعة أمتار مربعة بشكل صحيح ، لابد له من أربعة ملايين سنة ليلتحق بالحضارة ..ابتسمت للمبالغة ..

لم نشعر بالوقت..أو ربما العكس..

كل ذلك أصبح الآن من الزمن الماضي بنا إلى حيث لا ندري..وها نحن نشرب على نخب بيت خاو إلا من كرسي و سرير و بقايا مثل لم تعد صالحة لزماننا ..
قلت لمصطفى إن انتقاله من هذا البيت الذي ضاق عن الحلم إلى بيت أكثر رفاهية هو إنتقال طبيعي من غليان الثورة إلى سكون الدولة ..لست أدري من اين أتيت بهذه الفكرة..ربما تحت تأثير الخمرة السيئة ..لكن غرقنا في الضحك..
ثم أشرت على مصطفى أن يصمت قليلا يبدو أن هنالك من يطرق الباب..

يتبع