...فخرج إليه مصطفى وبيده سطل كبير من الماء...
قال : جئتتك لتكمل لي " هاك القضية"... لست أدري لماذا نتعمد الابهام والتعميم كلما تعلق الأمر بالمال..أو بالنساء ؟
لماذا لا يقول له أريد بقية مستحقاتي..هكذا صراحة.. .. تثور مشكلة فقط لاننا نعتقد اننا قلنا ما نريد و الاخر يفهم كلامنا المبهم كما يريد.. في آخر الأمر، إن كان للامر من آخر، فهمنا للامور يخضع للذاتي فينا..نفهم ما نريد أن نفهمه وكما نريد أن نفهمه..
هنالك أمر ما لا يستقيم في كل هذا.. هل هي اللغة؟ قصورها أم كسورها الكثيرة ؟ أم أن الأمر يتعلق بنا نحن؟ لم نتعود على أن نقول ما نفكر فيه..نراوغ..نجامل..نتزأبق...كلامنا حلزوني المظهر والملمس..
من حسن الحظ أن مصطفى لم يكن يعاني من قصور في إستقبال المعلومات..فقط أراد إختبار مدى سريان الماء في الاتجاه الصحيح...سكب سطل الماء ..وانتظرنا النتيجة كمن ينتظر نتيجة إمتحان خاضه دون تدخلات..
..كل إصرار مصطفى وتأكيداته ذهبت إلى البالوعة إلا المياه..!
تم إستنتاج الفشل في بضعة دقائق.. بضعة دقائق كانت كافية لتخرج مصطفى من عقله ! ثم هجر عقله جملة واحدة عندما قال صاحبنا :الله غالب ! البلاط ليس من النوع الرفيع!
..ربك! لقد جلب الرومان المياه من زغوان إلى تونس فوق حنايا يمتد طولها عشرات الكيلومترات وأنت عجزت عن إيصال مياه الأمطار لثلاثة أمتار !!
ثم إنطلق في محاضرة عن مزايا الرومان وما توصلوا إليه ..
هل تقدمنا فعلا مقارنة بما توصل إليه الرومان ومن قبلهم الفراعنة..؟ أليس ما يفصلنا عن تلك العصور هي وهم الاختراعات التي حصلت في المائة سنة الأخيرة ؟ أما الانسان فبقي كما هو.. كتلة من هلع وكرة من أعصاب !
يلقي بالمسؤولية مرة على قوى خارجية ومرة على بلاط ليس من النوع الرفيع ..
الرجل لم يفهم من كلام مصطفى شيء ..كل ما فهمه أنه لن يحصل على بقية مستحقاته لان الماء لم يصل إلى مستقره..
وتأكد من ذلك عندما قام مصطفى في قمة محاضرته وفي لحظة غضب بتهشيم البلاط بمطرقة كانت تراوده دون أن نعلم ..
كل هذه الذكريات تقاسمتها مع مصطفى وأنا أسكب له آخر قطرة في العقدة الثانية ..
الشعب الذي يعجز عن بناء أربعة أمتار مربعة بشكل صحيح ، لابد له من أربعة ملايين سنة ليلتحق بالحضارة ..ابتسمت للمبالغة ..
لم نشعر بالوقت..أو ربما العكس..
كل ذلك أصبح الآن من الزمن الماضي بنا إلى حيث لا ندري..وها نحن نشرب على نخب بيت خاو إلا من كرسي و سرير و بقايا مثل لم تعد صالحة لزماننا ..
قلت لمصطفى إن انتقاله من هذا البيت الذي ضاق عن الحلم إلى بيت أكثر رفاهية هو إنتقال طبيعي من غليان الثورة إلى سكون الدولة ..لست أدري من اين أتيت بهذه الفكرة..ربما تحت تأثير الخمرة السيئة ..لكن غرقنا في الضحك..
ثم أشرت على مصطفى أن يصمت قليلا يبدو أن هنالك من يطرق الباب..
يتبع
قال : جئتتك لتكمل لي " هاك القضية"... لست أدري لماذا نتعمد الابهام والتعميم كلما تعلق الأمر بالمال..أو بالنساء ؟
لماذا لا يقول له أريد بقية مستحقاتي..هكذا صراحة.. .. تثور مشكلة فقط لاننا نعتقد اننا قلنا ما نريد و الاخر يفهم كلامنا المبهم كما يريد.. في آخر الأمر، إن كان للامر من آخر، فهمنا للامور يخضع للذاتي فينا..نفهم ما نريد أن نفهمه وكما نريد أن نفهمه..
هنالك أمر ما لا يستقيم في كل هذا.. هل هي اللغة؟ قصورها أم كسورها الكثيرة ؟ أم أن الأمر يتعلق بنا نحن؟ لم نتعود على أن نقول ما نفكر فيه..نراوغ..نجامل..نتزأبق...كلامنا حلزوني المظهر والملمس..
من حسن الحظ أن مصطفى لم يكن يعاني من قصور في إستقبال المعلومات..فقط أراد إختبار مدى سريان الماء في الاتجاه الصحيح...سكب سطل الماء ..وانتظرنا النتيجة كمن ينتظر نتيجة إمتحان خاضه دون تدخلات..
..كل إصرار مصطفى وتأكيداته ذهبت إلى البالوعة إلا المياه..!
تم إستنتاج الفشل في بضعة دقائق.. بضعة دقائق كانت كافية لتخرج مصطفى من عقله ! ثم هجر عقله جملة واحدة عندما قال صاحبنا :الله غالب ! البلاط ليس من النوع الرفيع!
..ربك! لقد جلب الرومان المياه من زغوان إلى تونس فوق حنايا يمتد طولها عشرات الكيلومترات وأنت عجزت عن إيصال مياه الأمطار لثلاثة أمتار !!
ثم إنطلق في محاضرة عن مزايا الرومان وما توصلوا إليه ..
هل تقدمنا فعلا مقارنة بما توصل إليه الرومان ومن قبلهم الفراعنة..؟ أليس ما يفصلنا عن تلك العصور هي وهم الاختراعات التي حصلت في المائة سنة الأخيرة ؟ أما الانسان فبقي كما هو.. كتلة من هلع وكرة من أعصاب !
يلقي بالمسؤولية مرة على قوى خارجية ومرة على بلاط ليس من النوع الرفيع ..
الرجل لم يفهم من كلام مصطفى شيء ..كل ما فهمه أنه لن يحصل على بقية مستحقاته لان الماء لم يصل إلى مستقره..
وتأكد من ذلك عندما قام مصطفى في قمة محاضرته وفي لحظة غضب بتهشيم البلاط بمطرقة كانت تراوده دون أن نعلم ..
كل هذه الذكريات تقاسمتها مع مصطفى وأنا أسكب له آخر قطرة في العقدة الثانية ..
الشعب الذي يعجز عن بناء أربعة أمتار مربعة بشكل صحيح ، لابد له من أربعة ملايين سنة ليلتحق بالحضارة ..ابتسمت للمبالغة ..
لم نشعر بالوقت..أو ربما العكس..
كل ذلك أصبح الآن من الزمن الماضي بنا إلى حيث لا ندري..وها نحن نشرب على نخب بيت خاو إلا من كرسي و سرير و بقايا مثل لم تعد صالحة لزماننا ..
قلت لمصطفى إن انتقاله من هذا البيت الذي ضاق عن الحلم إلى بيت أكثر رفاهية هو إنتقال طبيعي من غليان الثورة إلى سكون الدولة ..لست أدري من اين أتيت بهذه الفكرة..ربما تحت تأثير الخمرة السيئة ..لكن غرقنا في الضحك..
ثم أشرت على مصطفى أن يصمت قليلا يبدو أن هنالك من يطرق الباب..
يتبع
2 commentaires:
أو ربما العكس
قال : جئتتك لتكمل لي " هاك القضية"...
انا ما نقلك و انت ما يخفاك
مثل تونسي
Enregistrer un commentaire