الوقت مساء ،كنت اشرب قهوة سريعة مع صديق لم أره منذ فترة طويلة..
الصديق كان يستنشق، على جرعات، كمية من الهواء تمر عبر خرطوم طويل حاملة معها رحيق التبغ الأسود ..لو لا معرفتي بهذه الآلة لقلت أنه يدخن الاسفلت..بعد كل عملية إستنشاق ينفث في شكل زفير، كرة من الدخان ثم يصدر حمحمة قصيرة... لعلها من الطقوس ..
وأنا أتابع هذه العملية بكل عبثية كلما تكررت ، رأيت يدا تمتد وصوتا يقول السلام ..مددت يدي دون أرفع رأسي ..ثم ما لبث أن ذهب الصوت يبحث عن كرسي ويطلب أيضا شيشة .. سألت صديقي من يكون؟قال ولد الحومة !هل نسيته؟
تظاهرت انني تذكرته وإنتظرت حتى يعود بكرسيه ..جلس أمامي ووضع رزمة من المفاتيح على الطاولة ..كأنه تعمد أن يجعل مفتاح السيارة من فوق..
كان ذلك شرطا ..أما جواب الشرط فأتى في شكل سؤال من صديقي :هل هذه هي مفاتيح السيارة الجديدة؟ قال نعم وابتسم إبتسامة المنتصر بالله الحفصي..
هذا الوجه أعرفه ..وهذه الطريقة في نطق الحروف بشكل متلعثم أعرفها ..هنالك شيء ما يبقى ملازم لنا مها غيرتنا السنون ..
لم يدم تخميني كثيرا .إنه أبن إمام ومؤذن مسجد الحومة الحاج التهامي ..
من لا يعرف الحاج التهامي؟..حتى القطط تعرفه من صوته الذي ينفجر فجأة فجرا عبر مكبر الصوت مذكرا بان الصلاة خير من النوم..فتخرج القطط مهرولة مذعورة من أماكن وليمتها.. ويختتم المشهد بقرقعة غطاء وعاء الزبالة الذي يرتطم بجدار المسجد ..ثم يعود السكون من جديد..
إنه الأبن الأوسط في عائلة لم ار منها يوما أختا أو أما كأنها صنعت من ذكور ..حمسة أولاد يصر الأب على أن يصطحبوه إلى المسجد في جميع أوقات الصلاة ..أذكر أنه كان يشارك أحيانا أولاد الحومة شقاوتهم لكن يرتعد من فكرة أن يراه الحاج..
ولان الحاج،الامام، المؤذن، يعلم ما ظهر وما بطن من أمور الحومة، وجد عبد الرحيم نفسه في السنة الدراسية الموالية مسجلا في معهد بعيد نسبيا عن العاصمة كمقيم , لا يفارق المعهد إلا في أيام العطل..
تسعة سنوات قضاها في ذلك المعهد منعزلا عن العالم ..يدرس أو يرتاد مسجد المبيت أو حينما يضيق به جسده، يمارس العادة السريالية ..
بعد إخفاق أول في إمتحان الباكالوريا ،إرتوى أولاد الحومة بمشروبات المؤدب الغازية إحتفاءا بنجاجه في دورة التدارك ..سألوه عن الاختصاص الذي يريد دراسته قال دون تردد: طبيب نساء !
غبت أنا عن الحومة سنوات طوال وغاب هو من ذهني سنوات أطول ..إلى أن جمعني به هذا اللقاء الذي سيكشف لي أمورا كنت اجهلها بل لا تخطر بذهن عاقل جعلتني استعجل نهاية اللقاء .... يتبع
ملاحظة ؛ كل الوقائع واقعية إلا ما يقتضيه الأدب من كذب
الصديق كان يستنشق، على جرعات، كمية من الهواء تمر عبر خرطوم طويل حاملة معها رحيق التبغ الأسود ..لو لا معرفتي بهذه الآلة لقلت أنه يدخن الاسفلت..بعد كل عملية إستنشاق ينفث في شكل زفير، كرة من الدخان ثم يصدر حمحمة قصيرة... لعلها من الطقوس ..
وأنا أتابع هذه العملية بكل عبثية كلما تكررت ، رأيت يدا تمتد وصوتا يقول السلام ..مددت يدي دون أرفع رأسي ..ثم ما لبث أن ذهب الصوت يبحث عن كرسي ويطلب أيضا شيشة .. سألت صديقي من يكون؟قال ولد الحومة !هل نسيته؟
تظاهرت انني تذكرته وإنتظرت حتى يعود بكرسيه ..جلس أمامي ووضع رزمة من المفاتيح على الطاولة ..كأنه تعمد أن يجعل مفتاح السيارة من فوق..
كان ذلك شرطا ..أما جواب الشرط فأتى في شكل سؤال من صديقي :هل هذه هي مفاتيح السيارة الجديدة؟ قال نعم وابتسم إبتسامة المنتصر بالله الحفصي..
هذا الوجه أعرفه ..وهذه الطريقة في نطق الحروف بشكل متلعثم أعرفها ..هنالك شيء ما يبقى ملازم لنا مها غيرتنا السنون ..
لم يدم تخميني كثيرا .إنه أبن إمام ومؤذن مسجد الحومة الحاج التهامي ..
من لا يعرف الحاج التهامي؟..حتى القطط تعرفه من صوته الذي ينفجر فجأة فجرا عبر مكبر الصوت مذكرا بان الصلاة خير من النوم..فتخرج القطط مهرولة مذعورة من أماكن وليمتها.. ويختتم المشهد بقرقعة غطاء وعاء الزبالة الذي يرتطم بجدار المسجد ..ثم يعود السكون من جديد..
إنه الأبن الأوسط في عائلة لم ار منها يوما أختا أو أما كأنها صنعت من ذكور ..حمسة أولاد يصر الأب على أن يصطحبوه إلى المسجد في جميع أوقات الصلاة ..أذكر أنه كان يشارك أحيانا أولاد الحومة شقاوتهم لكن يرتعد من فكرة أن يراه الحاج..
ولان الحاج،الامام، المؤذن، يعلم ما ظهر وما بطن من أمور الحومة، وجد عبد الرحيم نفسه في السنة الدراسية الموالية مسجلا في معهد بعيد نسبيا عن العاصمة كمقيم , لا يفارق المعهد إلا في أيام العطل..
تسعة سنوات قضاها في ذلك المعهد منعزلا عن العالم ..يدرس أو يرتاد مسجد المبيت أو حينما يضيق به جسده، يمارس العادة السريالية ..
بعد إخفاق أول في إمتحان الباكالوريا ،إرتوى أولاد الحومة بمشروبات المؤدب الغازية إحتفاءا بنجاجه في دورة التدارك ..سألوه عن الاختصاص الذي يريد دراسته قال دون تردد: طبيب نساء !
غبت أنا عن الحومة سنوات طوال وغاب هو من ذهني سنوات أطول ..إلى أن جمعني به هذا اللقاء الذي سيكشف لي أمورا كنت اجهلها بل لا تخطر بذهن عاقل جعلتني استعجل نهاية اللقاء .... يتبع
ملاحظة ؛ كل الوقائع واقعية إلا ما يقتضيه الأدب من كذب
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire