lundi 23 août 2010

يوميات صيفية 3 : لنا بغل أقل


عندما صعدت اللواج الرابط بين مدينتين في الوطن القبلي استقبلتني المضيفة بابتسامة عريضة .. نعم إبتسامة عريضة .. نظرت إلى تذكرتي ثم اشارت إلى مكاني ذاك الذي يقع بمحاذاة النافذة.. أخذني مكاني وأنا لا أصدق ما أرى.. فوق كل مقعد مكيف للهوى .. أمامك شاشة صغيرة عليها شريط من الأزرار يمكنك إختيار ما تريد من الموسيقات العالمية أو أي فيلم..

امتلأت اللواج في لمح البصر.. تعبير مبالغ فيه.. كم نفنى على المبالغة.. حتى الجنة نبالغ في تصويرها لكأنها الفردوس .. صعد الكل وانشغلت المضيفة بتفسير إجراءات السلامة وكيفية ربط حزام الأمان عند مشاهدة الحرس ..

جمال المضيفة حال دون التركيز على ما تقول .. فقط أذكر أنها قالت:الرحلة ستدوم حوالي 30 دقيقة واننا سنتعرض لبعض الاهتزازات نظرا لحالة الطريق وتمنت لنا رحلة طيبة ..

متعبا من رحلة القطار ومن النقل العمومي ،استسلمت للنوم .. واطلقت أسارير وجهي المنقبضة منذ مروري في المطار تحت لافتة من قماش كتب عليها : تونس ترحب بأبنائها في الخارج.

انا لم أفارق البلاد قط رغم عيشي خارجها.. على عكس البعض ربما..

بين النوم والخواطر المتدفقة وعدم تصديقي لما أرى، يرتطم سمعي بصوت فرامل تلعق الأسفلت ثم أخذت السيارة تطوف بنا حول شيء ما تبين فيما بعد أنه بغل أراد دون سابق معرفة بنا أن يشق الطريق المشقوقة ..

إلتقطني الواقع بمرارته وأنا أخرج من علبة الصفيح ..كل شيء كان حلما ! كنت أحلم هروبا من الواقع ..

لا البسملة المكتوبة على باب السيارة ولا دعاء السفر المتدلي من المرآة العاكسة للقدر ولا آية الكرسي اللاصقة على ظهر الكرسي تدخلوا لتجنب وقوع الكارثة الوطنية : لدينا الآن بغل أقل



0 commentaires:

Enregistrer un commentaire