samedi 28 août 2010

نص الحوار الذي أجرته معي الصحفية أمامة الزاير في الطريق الجديد


رأيته وافدا بين أسراره"

أي ظلام في الكون خلف الظلال؟

العين الراعبة والوجه المشقق يملأ الجذوع

تلك القامة الوافدة تخرج من الجدران

ألحان حجرية تواكب خروجها من الأشياء إلى الأشياء..."

بول شاوول

عادة ما ننظر إلى الأشياء كما هي , كما تعودنا أن نراها , أشياء بسيطة تملأ تفاصيل حياتنا ولا نكاد نتفطن إلى امكانات جديدة لإستعمالها أوحتى ندرك زوايا النظر المختلفة التي قد تمنحها أبعادا أخرى أكثر عمقا.. لم نحاول تجريدها من ملابسها ومما يجعلها ديكورا باهت الألوان فاقدا لبريقه , لم نجهد أن نستشف ما خلفها وما يمكن أن تفاجئنا به من أسرار و لغات و ألعاب نارية و أقواس قزح و روائح مختلفة. لم نتمكن من رؤية ما تحمله في أعطافها من حياوات أخرى غير التي تعودناها..لم نصرخ كما صرخ درويش يوما " ما أجمل الأسرار الكامنة خلف الباب الموارب"..

أليس الفن هو إعادة تحويل هذه الأشياء واستخراج ما يكمن فيها..؟

أليس الفن نسفا للعادة وخرقا لكل القوانين و الحدود التي تقيد أعيننا فلا نرى..؟

ألا يمكن أن ندعي أن المبدع يخرج من دوائر الروتين ويحمل في حقيبته ألعابه السحرية التي أعاد تشكيلها وصياغتها..؟

ألا ينبغي أن نعيد النظر في مسلماتنا ونكتشفها من جديد ممزوجة بطاقات تخييلية تعبر عن قلق المبدع حيال رتابة هذا الواقع فتضخ فيه دماء جديدة وتجعله يتكلم لغة أخرى..؟

أسئلة كثيرة تطارحناها مع الفنان التشكيلي أرتيكولي الذي يعيد النظر فيما تعودناه ويصوغه وفق رؤية فنية مختلفة.

وهو مبدع تونسي يعيش حاليا في ألمانيا حيث كانت بدايته الفعلية كما قال . و قد شارك في جملة من المعارض كان أولها معرض شخصي سنة 2007 تحت عنوان "رونكونتر" وفي 2009 تحصل على الجائزة الثانية في مسابقة جمعت أكثر من 30 فنانا كما شارك حاليا في معرض جماعي تحت عنوان :"حرية، لقاء في الألوان " أقيم في ألمانيا يوم 20 أوت الجاري.

وقد كان لنا معه هذا الحوار:

ط.ج: ثمة طفل يقبع داخل كل فنان , يقفز إلى يديه ويشكل تفاصيل ما يبدعه معلنا أن الفن لعب صرف. فهل ينهض طفل ما فيما تنجزه من أعمال فنية ؟ وهلا حدثتنا قليلا عن هذا الطفل؟

أرتيكولي : الفن لعب , هذا صحيح إلى حد ما , أعتقد أنه لعب يتسم بالجدية .. لعب مع فكرة اللعب ذاتها.. محاولة للمصالحة مع الطفل الذي بداخلنا والذي قمعناه

حسب رأيي يصنع الطفل حقيقته ويصنع عالمه , لكن المجتمع يقمعه ويجبره على التخلي عن عالمه الطفولي لعالم أخر، يعتقد المجتمع أنه أكثر نضجا والواقع أنه عالم عبثي..

الفنان يجتهد ألا يخون عالمه الطفولي و يحاول أن ينجز مصالحة مع الطفل النائم في داخله ويحرره ويعيده إلى مناخاته الأولى.بهذا المعنى الفن هو لعب مع الطفل القابع فينا واقتسام للادوار،الفنان يمد الطفل باللعب والأشكال التي يصنعها والطفل يسلح الفنان بمنطقه البسيط : كن أنت حيثما تكون على رأي الشاعر محمود درويش ..

الفنان كالطفل تماما يطرح دائما الأسئلة ولا اجوبة لديه .

ط.ج: أنت تنظر إلى العالم بطريقة مختلفة , تحاول أن تكسر حدود العادة وتشكل الأشياء والعناصر وفق رؤية فنية مخصوصة . فهل تقتل العادة ماهو جمالي في هذه الأشياء ؟

أرتيكولي: أعتقد أن الجمالي لا يوجد في الأشياء ذاتها بل في طريقة رؤيتنا لها..في خلق علاقات جديدة بما يحيط بنا.. فالفكرة الأساسية التي تحوم حولها جل أعمالي هي إعادة النظر بطريقة مختلفة إلى أشيائنا اليومية و بطبيعة الحال إلى افكارنا اليومية.. نحن في حاجة إلى "إحترام مسافة الأمان" بيننا وبين الفكرة.. لقد التحمنا بها إلى درجة أننا لم نعد قادرين على رؤية الطريق.. لقد أصبحت القيادة ترزح تحت ثقل العادة كسائق التاكسي يحدثك عما يجري في هذا العالم وفي العالم الآخر وفي نفس الوقت يقود سيارته بشكل آلي..آلي إلى درجة أنه لا يمكن التفرقة فيزيائيا بين عضلاته و ردة فعل لوالب الفرامل..لقد أصبح جزءا من السيارة..يخضع لقوانينها ..

لقد اعتدنا أن نقطع التفاحة بالطول على شكل أبراج.. هل قطعت مرة تفاحة بالعرض ؟ حين نقطع تفاحة بالعرض نكتشف أن بداخلها نجمة.. في كل مرة نقطع تفاحة بالطول أي بالعادة، نغتال نجمة في السماء !

كل أفعالنا نقوم بها بالطول ..نفكر بالطول، نحلم بالطول نمارس الجنس بالطول حتى قهوة الصباح نشربها بالطول. فلنحاول مرة العرض.. العرض هو الأفق ..

فإلى أي مدى أنت أنت ؟ والأفكار التي تعبر عنها هل هي ما يعبر عنك ويحكيك ؟ إلى أي مدى تعيش حلمك ؟ هل تلبس حلمك أم يلبسك ؟ وهل معنى أن تكون فنانا أن توجد لباسا مخصصا للفن تفتح الباب و تقفز فيها ؟

لابد أن نكون أحرارا تجاه ذواتنا لنكون مبدعين . وإن كان للفن من دور فهو لن يكون إلا تغيير وجهة المعنى , و دفعك إلى طرح السؤال واستفزازك بأن يبتعد عن الفكرة قليلا ويعيد تشكيلها.

ط.ج: تعتمد أساسا تقنية الكولاج لإعادة تشكيل الأشياء , فإلى أي مدى تستجيب هذه التقنية لملامح رؤيتك الفنية ؟

أرتيكولي : هنالك مقولة شهيرة تعجبني كثيرا تقول" الكل هو أكثر من مجموع الأجزاء المكونة له "

Le tout est plus grand que la somme des parties

تقنية الكولاج تخول لك العثور على الفرق بين الكل وجملة الأجزاء المكونة للكل .. تسمح لك بخلق فضاءات جديدة وعلاقات غير معلنة بين أجزاء العمل الفني ..

ط.ج: هل تخلص لمقولة " الفن للفن" ؟ أم أنك تؤمن أن الفن الذي يتشكل من الواقع يعبر عنه ويطرح اشكالاته وفق نسق استيطيقي وفلسفي ؟

أرتيكولي: لا أميل كثيرا إلى فكرة أن الفن له مهمة عليه القيام بها.. لدي حساسية مفرطة بطبعي تجاه عقلية المهمة (mission .. ) وعقلية أدلجة الوجود.. الفن حسب رأيي لا دور له سوى الفن ذاته..أو كما قال جوته "هدف الحياة الحياة ذاتها " فالفن هو تجربة ذاتية بالاساس لكن رغم هذه الصبغة الذاتية لا أرى تناقضا بينه وبين الواقع.. فالفنان يعبر عن هموم الواقع بشكل أو بآخر

ولعل الفن يزيل قليلا هذه الهموم حين يخلق لغة جديدة ويدفعنا إلى رج قناعات الرتابة .. لكننا مازلنا نتحدث بلغة قديمة عن مشاكل حديثة..

ط.ج: ما رأيك في واقع الفن التشكيلي في تونس ؟ وإلى أي حد فقد خصوصيته في زخم البهرج والاستعراض و" التسليع" ؟ وهل يستجيب لطموحات المبدعين التونسيين أم أنه يفرض هجرته إلى الشمال..؟

أرتيكولي:لا أعرف الكثيرعن المشهد التشكيلي في تونس نظرا إلى أني أقيم في ألمانيا .. لكن زرت بطبيعة الحال معارض لفنانين تونسين .. أعتقد أنه ليس بالامكان الحديث عن فن تشكيلي تونسي.. نحن مازلنا نبحث ولم نجد بعد موطأ قدم لنا.. هذا ينسحب ليس فقط على الفن التشكيلي بل كل الفنون والميادين .. لماذا سيفلت الفن التشكيلي من ازمة الهوية التي نعاني منها منذ قرون.. تجاذب بين القديم ورموزه والحديث وتحدياته..بعض الأعمال بقيت حبيسة الحمام والفوطة والبلوزة متشبثة بالأصالة و إحياء التراث وبعض الأعمال الآخرى قامت بعملية نسخ لتجارب أوروبية وغربية و تصورت أن الحداثة يمكن استيرادها .. وهنالك من إعتقد أنه وجد الحل بخلط هذا وذاك في خلطة هجينة ..

مازالت تربطنا علاقات هيستيرية مع الماضي ومع الآخر على حد سواء ولم نتمكن بعد من أن نكون نحن! هكذا بكل بساطة دون السقوط في عقلية الحفاظ على التوازن في المعادلات الصعبة ومحاولات التوفيق والتلفيق بين الماضي والحاضر. وهذا لا يتأتى دون أخذ المسافة الضرورية لرؤية واضحة .. رؤية بارسباكتيف تلم بكل الابعاد ..

لا أعرف الكثيرعن المشهد التشكيلي في تونس نظرا إلى أني أقيم في ألمانيا .. لكن زرت بطبيعة الحال معارض لفنانين تونسين .. أعتقد أنه ليس بالامكان الحديث عن فن تشكيلي تونسي.. نحن مازلنا نبحث ولم نجد بعد موطأ قدم لنا.. هذا ينسحب ليس فقط على الفن التشكيلي بل على كل الفنون والميادين .. لم سيفلت الفن التشكيلي من ازمة الهوية التي نعاني منها منذ قرون.. تجاذب بين القديم ورموزه والحديث وتحدياته..بعض الأعمال بقيت حبيسة الحمام والفوطة والبلوزة متشبثة بالأصالة و إحياء التراث وبعض الأعمال الآخرى قامت بعملية نسخ لتجارب أوروبية وغربية و تصورت أن الحداثة يمكن استيرادها .. وهنالك من إعتقد أنه وجد الحل بخلط هذا وذاك في خلطة هجينة .. مازالت تربطنا علاقات هيستيرية مع الماضي ومع الآخر على حد سواء ولم نتمكن بعد من أن نكون نحن! هكذا بكل بساطة دون السقوط في عقلية الحفاظ على التوازن في المعادلات الصعبة ومحاولات التوفيق والتلفيق بين الماضي والحاضر. وهذا لا يتأتى دون أخذ المسافة الضرورية لرؤية واضحة .. رؤية بارسباكتيف تلم بكل الابعاد ..

طج: هل أنجزت معارض في تونس أو غيرها من البلدان؟

أرتيكولي: أول معرض شخصي لي كان في ألمانيا , كما تحصلت على جائزة ثانية في مسابقة فنية تحت عنوان " الفن والطاقة " في ألمانيا..ويوم 20 أوت 2010 شاركت في معرض جماعي بلوحة سميتها "لقاء"

بالنسبة إلى تونس لم تتوفر لي الفرصة كما أني لم أسع إلى تقديم أعمالي فيها.

ط.ج: هل يعني هذا أن المتلقي التونسي عاجز عن فهم أعمالك بما يعني استفحال أزمة التلقي ؟

أرتيكولي: يقول درويش " إن الوضوح جريمة" . وأنا لا أريد أن أقترف هذه الجريمة

حاورته أمامة الزاير

الطريق الجديد عدد 195

1 commentaires:

Dovitch a dit…

Je salue l'artiste

Enregistrer un commentaire