المسكوت عنه في مسلسل "مكتوب

صادف أن كنت في بيت ما وكان صندوق الاشهار (التلفزة) يعرض مسلسل "مكتوب" ..
لم أتمالك نفسي من الضحك وأنا أشاهد هذا المسلسل ويشتد ضحكي كلما أوغل المسلسل في الدرامية..
ينظر الحاضرون إلي باستغراب..أنا أيضا لست أدري سبب ضحكي ..فعلا...
ربما لانني أحسست أنني بصدد مشاهدة التونسين عراة أمامي ..هذا المسلسل يفضح طريقة تفكير التونسي لكن للاسف بشكل فني عقيم
شاهدت أيضا بعض حلقاته السنة الفارطة.. يعطيني هذا المسلسل إنطباع بان السيناريو وقع كتابته بشكل كاريكاتوري ..
يرتكز فن الكاريكاتير ،كما هو معلوم ، على إبراز وتضخيم "العيوب" الخلقية... لكن الذي وقع تضخيمه في حالة المسلسل هي أحلام التونسي وأهواءه.. كل شيء وقع عرضه وتقديمه بشكل يدغدغ ما يدور بخلد كل شاب أو شابة تونسية
المنزل الفخم (و إن غاب الذوق السليم)..السيارة هامر ..و"الفلوس بالبالة"..وهذا تضخيم لما يمكن أن يحلم به التونسي /الشاب المقبل على الحياة..
لكن ما أثار ضحكي أكثر هو أن التضخيم لم يطل فقط أشياء الحياة المادية بل أيضا ابطال المسلسل :العيون الزرقاء والجسم المتناسق والجمال الأخاذ..إضافة إلى المال كلها تلتقي عند شخص واحد ! هكذا !!رحمة من رب العالمين !
وفي نفس الوقت نشاهد عالما ثانويا (يعيش على الهامش) ابطاله أقل حظا في الحياة من حيث الجمال والمال (النجار مثلا..) وكأن المال والجمال لا يلتقيان عند الفقراء ..هكذا!!! أيضا رحمة من رب العالمين ..وإن صادف إن وجدت فتاة جميلة لكن فقيرة فهي سرعان ما سوف تلتحق بعالم الأغنياء (البنت التي تزوجت المسن -لا أعرف اسمها -) و هو التحاق مرفوض إجتماعيا (لم يحضر الزواج سوى أربعة أشخاص) لانه طريق غير "طبيعي" بل طريق الطمع، طمع الفقير في مال الغني، وكضريبة لطمعها عليها أن تتزوج برجل في سن أبيها ..!
وبساطة هذا التقسيم للادوار وللقدر تذكرني بقصص الأطفال حيث تنتهي القصة بزواج الأمير من الفتاة الفقيرة !لم اقرأ يوما العكس!
ما يثير الضحك أيضا أن الطبقة الغنية ليست شريرة مع أسبقية الاضمار والترصد ..فحين يقوم أحد الأغنياء بجريمة فهي جريمة المصادفة :أن تقع المرأة في المسبح وتموت ،حادث سيارة تذهب ضحيته فتاة في مقتبل العمر..إلخ أما الفئة الأخرى الفقيرة الطامعة في المال وفي الالتحاق بطبقة الأغنياء فهي تخطط لما تريد، أي أن الجريمة لديها جزء من كيانها
ومتأصلة فيها ! (العصابة ،الفتاة الحالمة بالمال تخطط للزواج من مسن عن غير حب و انما عن طمع وجشع ..)
ما لايقوله هذا المسلسل ويمر لا شعوريا إلى المشاهد أن الفقر والغنى معطى لا يمكن مناقشته ..هكذا وجدت الدنيا وهكذا تبقى ..والفقر ليس عيبا بل العيب هو عدم الاقتناع بما لديك (القناعة كنز لا يفنى) ومحاولة الحصول على المال والالتحاق بطبقة الاغنياء بطرق غير مشروعة :بيع المخدرات، الزواج بمسن ..إلخ
وفي نفس الوقت لا تلقي أحداث المسلسل الضوء على الاغنياء كيف اصبحوا كذلك؟ من أين لك هذا؟ بمن فيهم منتج المسلسل! هههههه
قد تكون لي عودة إلى قصة أمي سيسي هذه :-)