mardi 23 mars 2010

الاعلام مع أسبقية الاضمار والترصد


الاعلام سلاح فتاك لا يترك أثرا وبدون رائحة .. ومن السذاجة بمكان الاعتقاد أن إخراج عناوين الجرائد (على سبيل المثال) يتم بصفة اعتباطية.فهنالك من الاخبار ما يقع نشرها في الصفحة الاولى رغم عدم قيمتها كخبر وهنالك من الاخبار ما يقع نشرها في ركن صغير في ثنايا الجريدة بحيث يكون حجة في وجه من يحتج على عدم نشر خبر هام كالزيادة في الأسعار وفي نفس الوقت لا ينتبه إليه أحد خاصة إن كان في صفحة الوفيات ..

عندما تريد حكومة ما القيام بعمل تعرف مسبقا أنه لن يجد تجاوبا شعبيا أو تريد توجيه الرأي العام في إتجاه معين تقوم بتسخير الاعلام للقيام بالبروباقندا اللازمة ..

أذكر في الثمنيات أن جريدة الصباح نشرت صورة في الصفحة الأولى وبالالوان (كانت فال ) لرجل ينام في حديقة في نيويورك وكتب تحتها أن الأقمار الأصطناعية الأمريكية التقطت هذه الصورة و أنها قادرة ليس فقط على تصوير الرجل بشكل واضح بل أيضا تحليل فصيل دمه !! متى نشرت هذه الصورة ؟

نشرت هذه الصورة مباشرة بعد قصف أمريكا طربلس في محاولة لإغتيال القذافي !.. الرسالة كانت واضحة: لا يمكننا فعل شيء أمام هذه القوة الجبارة القادرة على تحليل دمنا من الاقمار الصناعية !

مثال آخر أكثر واقعية ربما هو الحملة الغير مسبوقة في الاعلام المرئي و المكتوب التي اطلقتها حكومة مزالي في الفترة التي سبقت الرفع في سعر الخبز بنسبة 112% .

جالت كاميرات التلفزة في الشوارع و وقع تصوير الخبز في حاويات الزبلة ثم وقع تقديم هذه الصور على أن التونسي يلقي بالخبز في الزبلة لانه رخيص الثمن وأن الدولة لم تعد قادرة على دعم المواد الأساسية وعلى رأسها الخبز .. ثم بعد فترة وجيزة وقع الاعلان عن رفع أسعار الخبز مما أدى إلى أحداث الخبز المعروفة و التي قتل فيها الكثير من المتظاهرين ..

المثال الثالث الذي أريد ذكره وهو مثال حي أي أنه لا يزال يطبخ إلى الآن وهو الحملة الاعلامية التي تقع حاليا في الاعلام المصري والتي تستهدف إظهار التعليم العمومي على أنه قاصر على تكوين التلميذ تكوينا صحيحا ومتكاملا.

وقع بث ربورتاج لزيارة إلى إحدى المدارس حيث وقع طرح اسئلة سهلة على التلاميذ الذين عجزوا عن الأجابة ثم وقع تفتيش "صيدلية" المدرسة فلم يعثر فيها إلا على بقايا أدوية لم تعد صالحة ثم قام المذيع، الذي يبدو أنه إشتهر بادارة الحملات الاعلامية (آخرها هي الحملة ضد الجزائر )، بالصراخ والحديث عن عجز الجهاز التربوي العمومي إلخ..

أنا اتوقع أنه سيتم في الأيام القريبة الاعلان عن قرارات بخصوص التعليم في مصر كالتخصيص أو زيادة معاليم الترسيم ..

هكذا يخدم الاعلام أهداف سياسية غير معلنة و يساهم في التحضير لقبول الرأي العام لقرارات غالبا ما تكون في غير مصلحته


2 commentaires:

الحلاج الكافي a dit…

في جريدة "الشعب" التي كانت يومية في منتصف 1985 كتبت بنطا بالخط العريض " زاد الخبز في عام الصابة " وعليه كان محمد مزالي السيء الذكر أشار إلى الميليشيات باقتحام دور الإتحاد بطريقة " الوستارن" و قامت تلفزتنا الوطنية عندما كانت تسمّى أ.أ.ت بريبورتاجات تصوّر النقابيين على أنهم فئة ضالّة و عصابة أشرار وانهم مسلحون بالعصي و السيوف و السكاكين و قوارير الخمر و أن " الشرفاء" طهّروا المكان...هذا مثال عكسي لجريدة كانت جدّ محترمة وأصبحت كأخواتها...قلت هذا لأنني لم أرى صورة الجريدة الذكورة ضمن أهلها وذويها في الصورة أعلاه

ART.ticuler a dit…

شكرا الحلاج على المرور ..الصورة لم ارتبها بل مأخوذة من الأنترنات .. أما بخصوص الصراع بين مزالي والحبيب عاشور فقد تبين أنه صراع محموم على السلطة وقوده العمال

Enregistrer un commentaire